اسم الکتاب : تاريخ النقد الأدبي عند العرب المؤلف : إحسان عباس الجزء : 1 صفحة : 331
صقله الأدب وشحذته الرواية وجلته الفطنة وألهم الفصل بين الرديء والجيد وتصور أمثلة الحسن والقبح " [1] وأبرز الأمثلة على ذلك تجدها في شعر البحتري وجرير والغزلين من شعراء الأعراب وشعراء الحجاز. وقد نحس هنا ان الجرجاني أصبح كالآمدي شديد الارتياح إلى هذا الشعر الذي يأتي عفو الخاطر مسمحاً منقاداً، وقد استخفه الطرب له، لسهولة مأخذه وقرب متناوله، مؤثراً للبساطة العفوية في مثل:
أقول لصاحبي والعيس تهوي ... بنا بين المنيفة فالضمار على مثل قول أبي تمام:
دعني وشرب الهوى يا شارب الكأس ... فإنني للذي حسيته حساس (وهي قصيدة لم يخل بيت منها من معنى بديع وصنعة لطيفة وقد أتيح لها الأحكام والمتانة والقوة) [2] ؛ ولكنه واسع الصدر سمح النفس لا يأخذ شيئاً بديلاً عن شيء، فلكل ذلك في نفسه قبول على تفاوت الشعرين في موقعهما من نفسه، لان لكل منهما جمالاً خاصاً به.
تقدير القاضي لازمة الشاعر المحدث دون حمله على القديم
ولولا شدة تحرز القاضي وتوقيه، لظن قارئ " الوساطة " أنها تحمل راية الدفاع عن الشعر المحدث بل تتضمن شيئاً من الميل غليه وإيثاره على الشعر القديم؛ وخلاصة قول الجرجاني ان الشعر المحدث أقرب إلى طباع أهل العصر " والنفس تألف ما جانسها وتقبل الأقرب فالأقرب إليها " [3] ، والشاعر المحدث مظلوم إذ ضاق عليه مجال اللفظ (بقدر ما أسقطته الحضارة من [1] الوساطة: 25. [2] الوساطة: 32 - 33. [3] الوساطة: 29.
اسم الکتاب : تاريخ النقد الأدبي عند العرب المؤلف : إحسان عباس الجزء : 1 صفحة : 331