اسم الکتاب : تاريخ النقد الأدبي عند العرب المؤلف : إحسان عباس الجزء : 1 صفحة : 301
الجزء الثاني، ولا ندري أهذه تجزئة أصيلة أم إنها من عمل النساخ، ولم يبق مما يمثل هذا الجزء الثاني إلا ورقات قليلة، كذلك نلاحظ أن ابن وكيع بعد بلوغه السيفيات، لم يعد يقف عند كل قصيدة على حدة بل أخذ يستخرج من كل واحدة أبياتاً وينقدها بسرعة، دون أن يشير إلى نقلته لقصيدة تالية.
وعلى الرغم من ذلك كله فإن ما تبقى من الكتاب يستطيع أن يقنعنا بان ابن وكيع قام بجهد مضن وعمل منظم، واستطاع أن يعرض علينا مبلغ محفوظه من الشعر، وهو كثير، ومبلغ اهتدائه إلى المعاني المتشابهة على نحو يفوق به الحاتمي، وكل من تمرسوا بدراسة السرقات الشعرية على نحو يفوق به الحاتيم، وكل من تمرسوا بدراسة السرقات الشعرية حتى عصره، ولكن بعد هذا الجهد المضني يصل القارئ إلى نتيجة محزنة: وهي أن شعر المتنبي (وربما كل شاعر في الكون) نوعان: شعر فارغ لا يوقف عنده، وشعر غير فارغ وهو يمثل المعاني المشتركة بينه وبين غيره من الشعراء، وأن هذا الاشتراك هو الذي يسمى سرقه، وهي ذات مستويات متفاوتة، فبعضها قائم على التقصير وبعضها على المساواة وبعضها على التفوق.
قصور المنهج القائم على تبيان السرقات عن خدمة النقد
ولسنا نقول إلى ابن وكيع وإضرابه قد أسرفوا في الميل إلى إظهار محصولهم من الحفظ لدى الكشف عن الشرقات، ولا أنهم تعسفوا في نسبة السرقة إلى الشعراء، إذ لو قلنا هذا القول لكنا نقر هذا المنهج النقدي، ونقتصر في تعقبه على بعض نتائجه؛ ولكنا نقول أن انتحاء هذا المنهج كان ضلالاً بعيداً في تاريخ النقد الادبي، واستهلاكاً لجهود كان من الممكن أن تثمر فيما هو أجدى واجدر. ذلك أن الانهماك في تبيان السرقة قد حجب عن أعين النقاد أموراً هامة؛ كيف يستطيع ابن وكيع أن يرى
اسم الکتاب : تاريخ النقد الأدبي عند العرب المؤلف : إحسان عباس الجزء : 1 صفحة : 301