responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تاريخ آداب العرب المؤلف : الرافعي ، مصطفى صادق    الجزء : 1  صفحة : 76
ومن علماء اللغة من يرتبها على وجه آخر، كالخليل بن أحمد[1]؛ فإنه اعتبر ترتيبها على مخارجها الطبيعية ذاهبًا من الصدر إلى الشفتين، وبنى على هذا الوضع كتاب "العين" الذي هو أول كتاب جمع اللغة فجعلها هكذا:
ع ح هـ خ غ ق ك ج ش ض ص س ز ط
د ت ظ ذ ث ر ل ن ف ب م وا ي
وقد خالفه بعضهم، ولا نرى فائدة في استقصاء أقوالهم المختلفة.
وهذه الحروف 29 حرفًا بإضافة الهمزة -وهو رأي سيبويه وعليه المحققون، وكان أبو العباس ثعلب لا يعدها منها- وتسمى حروفًا أصلية، ولها أربع حركات أصلية أيضًا، وهي الفتحة والضمة والكسرة والسكون[2].
وهذه الحركات قديمة في اللغة؛ لأنها هيئات المنطق, ولكنها دلائلها الخطبة "-َ ُ- ِ-ْ" لم تكن عندهم، بل اخترع أصولها السريان حينما تنصروا وأرادوا ضبط قراءتهم في الأناجيل؛ فوضعوا علامات صغيرة تدل على الحركات، وهي نقطة أو خط صغير فوق الحرف أو تحته أو بين يديه، ولا يزال أثر هذه الطريقة في المصاحف المخطوطة في القرن الثاني للهجرة؛ فقد كانت تكتب من غير نقط إلا للشكل؛ فالنقطة فوق الحرف علامة الفتحة، وتحت علامة الكسرة، وإلى جانبه علامة الضم، وأول من وضع هذه الطريقة للعرب أبو الأسود الدؤلي؛ ولذلك تأريخ يأتي في محله.
والمراد بالحروف والحركات "الأصلية" التي يستوي في الإتيان بها الأقحاح من العرب الذين لم تخلط لغتهم ولا ورثوها مخلوطة؛ فإن لمن عداهم حروفًا أخرى تسمى متفرعة.
الحروف المتفرعة:
وهي حروف من التسعة والعشرين حرفًا تتميز بإشراب الحرف[3] صوتًا من غيره، وهي قسمان: مستحسنة، ومستهجنة؛ ونحن نذكرها في هذا الفصل مقرونة بما يناسبها من لغات العرب، تحقيقًا

[1] قال الأزهري في "التهذيب" نقلًا عن الليث بن المظفر -متمم كتاب العين بعد الخليل: لما أراد الخليل الابتداء في كتاب العين، أعمل فكره فيه فلم يمكنه أن يبتدئ من أول أب ت ث إلخ؛ لأن الألف حرف معتل، فلما فاته أول الحروف، كره أن يجعل الثاني أولًا "وهو الباء" إلا بحجة وبعد استقصاء؛ فتدبر ونظر إلى الحروف كلها وذاقها، فوجد مخرج الكلام كله من الحلق فصير أولها بالابتداء أدخلها في الحلق، وكان ذوقه إياها أنه كان إذا أراد أن يذوق الحرف، فتح فاه بألف "أي الحرف الطبيعي في النطق كما قدمنا" ثم أظهر الحرف "الذي يريد ذوقه" نحو: أت، أح، أع، فوجد العين أقصاها في الحلق وأدخلها، فجعل أول الكتاب العين، ثم ما قرب مخرجة منها، الأرفع فالأرفع، حتى أتى على آخر الحروف.
[2] في كتاب "سر الصناعة" لابن جني: الحركات أبعاض، حروف المد واللين؛ فالفتحة بعض الألف، والكسرة بعض الياء، والضمة بعض الواو، وكان متقدمو النحويين يسمون الفتحة: الألف الصغيرة، والكسرة: الياء الصغيرة، والضمة: الواو الصغيرة.
[3] سمى سيبويه بعض الحروف: بالمشربة، وذلك في باب الوقف من كتابه.
اسم الکتاب : تاريخ آداب العرب المؤلف : الرافعي ، مصطفى صادق    الجزء : 1  صفحة : 76
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست