وهذا التقسيم هو المعروف عند العلماء إلى اليوم.
وقال صاحب "نفح الطيب": "إن علم الأدب في الأندلس كان مقصورًا على ما يحفظ من التاريخ والنظم والنثر ومستظرفات الحكايات، قال: وهو أنبل علم عندهم، ومن لا يكون فيه أدب من علمائهم فهو عقل مستثقل".
أما كتب الأدب فهي على الحقيقة كتب العلوم التي مرت، بيد أن أهل اللغة كانوا ينتحلون لفظة الأدب في تسمية كتبهم الخاصة بأوضاع اللغة وشواهدها؛ لأن اللغة أصل المادة، فمن ذلك: ديوان الأدب، وكتاب ديوان العرب وميدان الأدب، وروض الآداب، ومفتاح الأدب، وسر الأدب، ومقدمة الأدب، وعنوان الأدب، وكلها في اللغة، ذكر صاحب "كشف الظنون" وغيره، وبعضها موجود، كديوان الأدب للفارابي، ومقدمة الأدب للزمخشري، ومن هذا القبيل "أدب الكاتب" لابن قتيبة ولابن دريد ولابن النحاس وغيرهم.
أما الكتب التي هي من شرط الأدب فكثيرة، وأصولها كما قال ابن خلدون: أربعة دواوين، وهي: "أدب الكاتب" لابن قتيبة، وكتاب "الكامل" للمبرد، وكتاب "البيان والتبيين" للجاحظ، وكتاب "النوادر" لأبي على القالي البغدادي[1] وما سوى هذه الأربعة فتبع لها وفرغ عنها.
وإنما عدت هذه الأربعة أصولًا؛ لأنها تدور على فنون الرواية. وقد وضعت كتب كثيرة، وأشهرها كتاب "العقد الفريد" لابن عبد ربه الأندلسي، وكتاب "الأغاني" لأبي الفرج الأصبهاني، وهو الكتاب الذي استوعب فيه أخبار العرب وأنسابهم وأشعارهم وأيامهم ودولهم، فكان أفضل ما يتأدب به في العربية، وكثرت كذلك كتب الأمالي والتذاكر، وأعظمها "أمالي" ابن الشجري، وتذكرة الصلاح الصفدي، وللكلام في ذلك موضع نتولى فيه بسطه، وتوفيه قسطه إن شاء الله. [1] كل هذه الكتب مطبوع مشهور، وقد شرحت كلها شروحًا مختلفة، ما عدا البيان والتبيين؛ ولولا التفادي من الملل لأتينا على تاريخ كل كتاب منها.