responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تاريخ آداب العرب المؤلف : الرافعي ، مصطفى صادق    الجزء : 1  صفحة : 28
علوم الأدب وكتبه:
كان الأدب -كما أسلفنا- مجموع علوم المؤدبين، فلا جرم حدوه كما رأيت فيما نقلناه عن ابن خلدون، وهو حد يطابق أمرهم كل المطابقة، فلما أرادوا تعيين هذه العلوم، نظروا في غرض الأدب فجعلوا له غرضين: أحدهما يقال لها لغرض الأدنى، والثاني الغرض الأعلى، فالأول أن يحصل للمتأدب بالنظر في الأدب والتمهر فيه قوة يقدر بها على النظم والنثر، والغرض الأعلى أن يحصل للمتأدب قوة على فهم كتاب الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم وصحابته، ويعلم كيف تبنى الألفاظ الواردة في القرآن والحديث بعضها على بعض حتى تستنبط منها الأحكام وتفرع الفروع وتنتج النتائج وتقرن القرائن على ما تقتضيه معاني كلام العرب ومجازاتها.
قال البطليوسي -وهو الذي ننقل عنه هذه الكلمات من "شرح أدب الكاتب": والشعر عند العلماء أدنى مراتب الأدب، ثم نظروا في تعيين العلوم التي تفضي إلى هذه المقاصد، فاختلفوا فيها، ولكنها في الجملة كانت علوم العربية، ولم يعينها أحد إلى أواخر القرن الخامس. فلما أنشئت المدرسة النظامية ببغداد، أنشأها نظام الملك -وزير ملك شاه السلجوقي- المتوفى سنة 485هـ، اختير لتدريس الأدب فيها أبو زكرياء الخطيب التبريزي المتوفى سنة 502هـ وهو من أئمة اللغة والنحو، ثم درسه بعده علي بن أبي زيد الفصيحي، وكان نحويا، ثم عزل "لتهمة التشيع" بأبي منصور الجواليقي، وتعاقب هؤلاء المدرسين جعل للأدب موضعًا معينًا كان لا يزال مقررًا عند العلماء إلى آخر القرن السادس، على ما ذكره ابن الأنباري المتوفى سنة 577هـ في "طبقاته" فإنه لما ترجم هشام بن محمد بن السائب الكلبي قال: "إنه كان عالمًا بالنسب، وهو أحد علوم الأدب؛ فلذلك ذكرناه في جملة الأدباء، فإن علوم الأدب ثمانية: النحو واللغة والتصريف والعروض والقوافي وصنعة الشعر وأخبار العرب، وأنسابهم ... " ثم قال: "وألحقنا بالعلوم الثمانية علمين وضعناهما وهما: علم الجدل في النحو وعلم أصول النحو"[1].
إلا إن الزمخشري المتوفى سنة 538هـ. أراد أن يجعل للأدب حدا علميا من الحدود -الجامعة المانعة- على طريقة المتكلمين، فعرف علوم الأدب بأنها علوم يحترز بها عن الخلل في كلام العرب لفظًا وكتابة، وجعلها اثني عشر، منها أصول لأنها العمدة في ذلك الاحتراز، وهي: اللغة، والصرف، والاشتقاق، والنحو، والمعاني، والبيان، والبديع "وجعلوه ذيلًا لعلمي المعاني والبياثن داخلًا تحتهما" والعروض، والقوافي.
ومنها فروع، وهي: الخط -أي: الإملاء- وقرض الشعر، والإنشاء، والمحاضرات، ومنه التواريخ.

[1] لذلك تفصيل سيأتي في موضعه عند الكلام على النحو.
اسم الکتاب : تاريخ آداب العرب المؤلف : الرافعي ، مصطفى صادق    الجزء : 1  صفحة : 28
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست