اسم الکتاب : بغية الإيضاح لتلخيص المفتاح في علوم البلاغة المؤلف : الصعيدي، عبد المتعال الجزء : 1 صفحة : 62
المجاز في الإنشاء: وهو غير مختصّ بالخبر[1]؛ بل يجري في الإنشاء، كقوله تعالى: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا} [2] وقوله: {فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا} [3] وقوله: {فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى} [4].
تقسيم قرينة المجاز:
ولا بد له من قرينة: إما لفظية؛ كما سبق في قول أبي النجم، أو غير لفظية؛ كاستحالة صدور المسند من المسند إليه المذكور[5], أو قيامه به[6] عقلا؛ كقولك: "محبتك جاءت بي إليك"[7], أو عادة، كقولك: "هزم الأمير الجند، وكسا الخليفة الكعبة، وبنى الوزير القصر"، وكصدور[8] الكلام من المُوَحِّد[9] في مثل قوله: [1] مثله الحقيقة العقلية كما سبق. [2] سورة غافر: الآية 36. والشاهد في نسبة البناء لهامان، وليس هو الذي يفعله، وإنما يأمر به؛ لأنه كان وزيرا لفرعون، فيكون من الإسناد للسبب. والمجاز العقلي يجري أيضا في كل أنواع الإنشاء مع ملابسات الفعل السابقة. [3] سورة القصص: الآية 38. والشاهد في نسبة الإيقاد لهامان؛ لأنه بسببه. [4] سورة طه: الآية 117. والشاهد في نسبة الإيقاد لإبليس؛ لأنه بسببه. [5] أي: في الكلام، وهو المسند إليه المجازي؛ لأنه هو الذي يذكر في المجاز العقلي. [6] هذا معطوف على قوله: "صدور"؛ لأن الصدور الحدوث، والقيام الاتصاف، والأول مثل "ضرب" والثاني مثل "قرب وبعد". [7] لظهور استحالة قيام المجيء بالمحبة، وهذا إنما يجري على مذهب المبرد في باء التعدية، فهي تقضي عنده بمشاركة الفاعل للمفعول في الفعل، وهي عند سيبويه بمعنى همزة النقل في نحو: "أذهبت زيدا" أي: جعلته ذاهبا، فتكون المحبة عنده حاملة فقط على المجيء، وليس في هذا مجاز عقلي. [8] عطف على "كاستحالة". [9] المراد به المُوَحِّد الكامل بخلاف المعتزلة، والقرينة هنا حالية، وإنما لم يكن هذا من الاستحالة العقلية؛ لأن المراد بها الاستحالة الضرورية التي لا خلاف فيها، وما هنا محل خلاف بين المؤمن والدهري، والمعتزلة من الموحدين يقولون بتأثير الأسباب العادية، فلا يكون الإسناد إليها مجازا عندهم.
اسم الکتاب : بغية الإيضاح لتلخيص المفتاح في علوم البلاغة المؤلف : الصعيدي، عبد المتعال الجزء : 1 صفحة : 62