اسم الکتاب : بغية الإيضاح لتلخيص المفتاح في علوم البلاغة المؤلف : الصعيدي، عبد المتعال الجزء : 1 صفحة : 48
الإنكار؛ كما يقال لمنكر الإسلام: "الإسلام حق"[1]. وعليه قوله تعالى في حق القرآن: {لَا رَيْبَ فِيهِ} [2].
ومما يتفرع على هذين الاعتبارين[3] قوله تعالى: {ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ، ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ} [المؤمنون: 15، 16] أكد إثبات الموت بتأكيدين وإن كان مما لا ينكر؛ لتنزيل المخاطبين منزلة من يبالغ في إنكار الموت؛ لتماديهم في الغفلة والإعراض عن العمل لما بعده، ولهذا قيل: {لَمَيِّتُونَ} دون "تموتون" كما سيأتي الفرق بينهما[4]، وأكد إثبات البعث تأكيدا واحدا وإن كان مما ينكر؛ لأنه لما كانت أدلته ظاهرة كان جديرا بألا ينكر، بل إما أن يعترف به أو يتردد فيه، فنزل
هذا, وقد ترك تنزيل السائل منزلة غير السائل، وهو أيضا مما يدخل في باب تخريج الكلام على خلاف مقتضى الظاهر، وإنما ينزل السائل منزلة غير السائل إذا لم يكن هناك وجة لتردده. [1] أي: من غير تأكيد. واعتُرض على هذا بأنه جملة اسمية، وأجيب بأن الجملة الاسمية إنما تفيد التوكيد إذا اعتُبر تحويلها عن الجملة الفعلية، نحو: "زيد يقول" فإنها يمكن اعتبارها محولة عن "يقوم زيد". [2] آية 2 سورة البقرة. فإن معناه أن القرآن ليس محل شك، وهذا ينكره المخاطبون من الكفار، فكان حقه في الظاهر التأكيد، ولكنهم نزلوا منزلة غير المنكرين؛ فترك التأكيد لهم، وقيل: إن هذا ليس تمثيلا لتنزيل المنكر منزلة غير المنكر, بناء على أن المراد نفي الريب نفسه مع أنه واقع منهم, تنزيلا له منزلة عدمه، فيكون هذا تنظيرا لتنزيل المنكر منزلة غيره لا تمثيلا له، ويؤيد هذا أن قوله فيما يأتي: "وهكذا اعتبارات النفي" ظاهر في أنه لم يسبق مثال منه. [3] يعني اعتبار تنزيل غير المنكر منزلة المنكر، واعتبار تنزيل المنكر منزلة غير المنكر. [4] أي: في الكلام على المسند من أن ذكره قد يكون ليتعين كونه اسما, فيُستفاد منه الثبوت, أو كونه فعلا فيستفاد منه التجدد؛ وبهذا يكون ما في الآية من تنزيل العالم منزلة المنكر.
اسم الکتاب : بغية الإيضاح لتلخيص المفتاح في علوم البلاغة المؤلف : الصعيدي، عبد المتعال الجزء : 1 صفحة : 48