اسم الکتاب : بغية الإيضاح لتلخيص المفتاح في علوم البلاغة المؤلف : الصعيدي، عبد المتعال الجزء : 1 صفحة : 215
-دانٍ أم قاصٍ- منبت خير؟ منتظرا لإلمام الحديث به، بخلاف ما في سورة القصص[1].
أو كما إذا وُعدت[2] ما تستبعد وقوعه من جهتين؛ إحداهما أدخل في تبعيده من الأخرى؛ فإنك -حال التفات خاطرك إلى وقوعه باعتبارهما- تجد تفاوتا في إنكارك إياه قوة وضعفا بالنسبة، ولامتناع إنكاره بدون القصد إليه يستتبع تفاوته ذلك تفاوتا في القصد إليه والاعتناء بذكره، فالبلاغة توجب أنك -إذا أنكرت- تقول في الأول[3]: شيء حاله في البعد عن الوقوع هذه أنى يكون؟ لقد وُعدت هذا أنا وأبي وجدي, فتقدم المنكر على المرفوع[4]. وفي الثاني: لقد وُعدت أنا وأبي وجدي هذا, فتؤخر. وعليه قوله تعالى في سورة النمل: {لَقَدْ وُعِدْنَا هَذَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا} [النمل: 68] , وقوله تعالى في سورة "المؤمنون": {لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا هَذَا} [المؤمنون: 83] فإن ما قبل الأولى: {أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا وَآبَاؤُنَا أَئِنَّا لَمُخْرَجُونَ} وما قبل الثانية: {أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ} , فالجهة المنظور فيها هناك كونهم أنفسهم وآباؤهم ترابا، والجهة المنظور فيها هنا كونهم ترابا وعظاما، ولا [1] هو قوله تعالى في قصة موسى: {وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى} [القصص: 20] . وقد جاء الكلام فيها على أصله من تأخير الجار والمجرور؛ لأنه ليس فيها من ذلك ما يقتضي تقديمهما في الآية الأولى لتبكيت أولئك القوم بكون البعيد عمّا شاهدوا ينصح لهم ما لم ينصحوه لأنفسهم. [2] معطوف على قوله: كما إذا توهمت. [3] أي: في الحال الأول، وهو ما كانت جهته أدخل في تبعيد ذلك، فتجعل العناية بذكره أهم، والثاني هو ما كانت جهته أضعف في تبعيد ذلك، فلا تكون هناك عناية بذكره قبل غيره. [4] المنكر هو اسم الإشارة "هذا" لأنه هو المستبعد، والمرفوع هو مؤكِّد نائب الفاعل "أنا" وما عُطف إليه.
اسم الکتاب : بغية الإيضاح لتلخيص المفتاح في علوم البلاغة المؤلف : الصعيدي، عبد المتعال الجزء : 1 صفحة : 215