اسم الکتاب : بغية الإيضاح لتلخيص المفتاح في علوم البلاغة المؤلف : الصعيدي، عبد المتعال الجزء : 1 صفحة : 214
"علمت"[1] نحو: "علمت زيدا منطلقا"، أو في حكم الفاعل من مفعولي باب "أعطيت" و"كسوت"[2]؛ نحو: "أعطيت زيدا درهما وكسوت عمرا جبة"[3]، وكالمفعول المتعدَّى إليه بغير واسطة فإن أصله التقديم على المتعدَّى إليه بواسطة؛ نحو: "ضربت الجاني بالسوط". وكالتوابع, فإن أصلها أن تذكر بعد المتبوعات[4].
ثانيهما: أن تكون العناية بتقديمه والاعتناء بشأنه لكونه في نفسه نُصْبَ عينك، والتفات خاطرك إليه في التزايد، كما تجدك قد مُنيتَ بهجْر حبيبك وقيل لك: ما تتمنى؟ تقول: "وجه الحبيب أتمنى" وعليه قوله تعالى: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ} [الأنعام: 100] أي: على القول[5] بأن {لِلَّهِ شُرَكَاءَ} مفعولا {وَجَعَلُوا} .
أو لعارض يورثه ذلك[6]: كما إذا توهمت أن مخاطَبك ملتفت الخاطر إليه، ينتظر أن تذكر، فيبرز في معرض أمر يتجدد في شأنه التقاضي ساعة فساعة، فمتى تجد له مجالا للذكر صالحا أوردته، نحو قوله تعالى: {وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى} [يس: 20] قُدم فيه المجرور لاشتمال ما قبله على سوء معاملة أهل القرية الرسل من إصرارهم على تكذيبهم، فكان مظنة أن يلعن السامع -على مجرى العادة- تلك القرية، ويبقى مُجيلا في فكره: أكانت كلها كذلك أم كان فيها قطر [1] بابه كل مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر. [2] بابه كل مفعولين أولهما فاعل في المعنى. [3] فكل من زيد وعمرو في حكم الفاعل؛ لأن زيدا هو الآخذ والدرهم مأخوذ، وعمرا هو اللابس والجبة ملبوسة. [4] فلا تتقدم عليها، ولا يتقدم عليها غيرها بعدها؛ كالحال في نحو: "جاء زيد الطويل راكبا". [5] هناك قول في هذه الآية: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ} بأن "شركاء الجن" هما المفعولان، والجار والمجرور متعلق بشركاء. ولا يخفى أن الاستشهاد جارٍ عليه أيضا؛ لأن الشاهد في تقديم "الله" لكونه في نفسه مما يُلتفَت إليه. [6] معطوف على قوله: "لكونه في نفسه" والمقابلة ظاهرة.
اسم الکتاب : بغية الإيضاح لتلخيص المفتاح في علوم البلاغة المؤلف : الصعيدي، عبد المتعال الجزء : 1 صفحة : 214