اسم الکتاب : بغية الإيضاح لتلخيص المفتاح في علوم البلاغة المؤلف : الصعيدي، عبد المتعال الجزء : 1 صفحة : 205
[الإسراء: 110] فإنه يظن أن الدعاء فيه بمعنى النداء، فلا يقدّر في الكلام محذوف، وليس بمعناه؛ لأنه لو كان بمعناه لزم إما الإشراك أو عطف الشيء على نفسه؛ لأنه إن كان مسمى أحدهما غير مسمى الآخر لزم الأول، وإن كان مسماهما واحدا لزم الثاني، وكلاهما باطل، تعالى كلام الله عز وجل عن ذلك؛ فالدعاء في الآية بمعنى التسمية التي تتعدى إلى مفعولين، أي: سموه الله أو الرحمن أيا ما تسموه فله الأسماء الحسنى[1] كما يقال: "فلان يدعى الأمير" أي: يسمى الأمير. وكما في قراءة من قرأ: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ} [التوبة: 30] [2] بغير تنوين، على القول بأن سقوط التنوين لكون الابن صفة واقعة بين علمين، كما في قولنا: "زيد بن عمرو قائم" فإنه قد يُظن أن فعل القول فيه لحكاية الجملة كما هو أصله[3]. فقيل: تقدير الكلام: "عزير ابن الله معبودنا"، وهذا باطل؛ لأن التصديق والتكذيب إنما ينصرفان إلى الإسناد لا إلى وصف ما يقع في الكلام موصوفا بصفة، كما إذا حكيت عن إنسان أنه قال: "زيد بن عمرو سيد" ثم كذبته فيه، ولم يكن تكذيبك أن يكون زيدٌ ابنَ عمرو، ولكن أن يكون زيد سيدا، فلو كان التقدير ما ذكره، لكان الإنكار راجعا إلى أنه معبودهم، وفيه تقرير أن عزيرا ابن الله, تعالى الله عن ذلك، فالقول في الآية بمعنى الذكر[4]؛ لأن الغرض الدلالة على أن اليهود قد بلغوا في الرسوخ في الجهل والشرك إلى أنهم كانوا يذكرون عزيرا هذا الذكر، كما تقول في قوم تريد أن تصفهم بالغلو في أمر صاحبهم وتعظيمه: "إني أراهم قد اعتقدوا أمرا عظيما؛ فهم يقولون أبدا: زيد الأمير" تريد أنه كذلك يكون [1] الحذف فيه لمجرد الاختصار. [2] وهذا من باب التنظير في اشتباه الحال في أمر الحذف وعدمه؛ لأن ما هنا ليس من حذف المفعول به. [3] أي: كما هو الأصل في القول؛ لأن الأصل فيه أن يكون لحكاية الجملة. [4] أي: على قراءة "ابن" بغير تنوين، وعلى هذا لا يحتاج إلى تقدير محذوف في ذلك ليكون جملة.
اسم الکتاب : بغية الإيضاح لتلخيص المفتاح في علوم البلاغة المؤلف : الصعيدي، عبد المتعال الجزء : 1 صفحة : 205