اسم الکتاب : بغية الإيضاح لتلخيص المفتاح في علوم البلاغة المؤلف : الصعيدي، عبد المتعال الجزء : 1 صفحة : 204
{أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا} [الفرقان: 41] أي: بعثه الله. وقوله تعالى: {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: 22] أي: إنه لا يماثل، "تعلمون" أو ما بينه وبينها من التفاوت، أو أنها لا تفعل كفعله، كقوله: {هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ} [1] [الروم: 40] ويحتمل أن يكون المقصود نفس الفعل من غير تعميم، أي: وأنتم من أهل العلم والمعرفة[2]. ثم ما أنتم عليه في أمر ديانتكم -من جعل الأصنام لله أندادا- غاية الجهل.
ومما عد السكاكي[3] الحذف فيه لمجرد الاختصار قوله تعالى: {وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ، فَسَقَى لَهُمَا} [4] [القصص: 23، 24] والأولى أن يجعل لإثبات المعنى في نفسه للشيء على الإطلاق كما مر[5]، وهو ظاهر قول الزمخشري، فإنه قال: تُرك المفعول لأن الغرض هو الفعل لا المفعول، ألا ترى أنه رحمهما لأنهما كانتا على الذياد وهم على السقي، ولم يرحمهما لأن مذودهما غنم ومسقيهم إبل مثلا؟ وكذلك قولهما: {لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ} المقصود منه السقي لا المسقيّ.
واعلم أنه قد يشتبه الحال في أمر الحذف وعدمه لعدم تحصل معنى الفعل، كما في قوله تعالى: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [1] والكاف للتنظير للوجه الأخير، وهو أنها لا تفعل كفعله. [2] فيكون من القسم الثاني من الضرب الأول. [3] المفتاح ص133. [4] ومحل الشاهد فيه: "يسقون، تذودان، نسقي". [5] فيكون من القسم الثاني من الضرب الأول، وجعله عبد القاهر مما قصد فيه إلى مفعول خاص ثم حُذف لتتوفر العناية على إثبات الفعل للفاعل.
اسم الکتاب : بغية الإيضاح لتلخيص المفتاح في علوم البلاغة المؤلف : الصعيدي، عبد المتعال الجزء : 1 صفحة : 204