responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بغية الإيضاح لتلخيص المفتاح في علوم البلاغة المؤلف : الصعيدي، عبد المتعال    الجزء : 1  صفحة : 19
كيف يتوصل منه إلى معناه؛ كقول الفرزدق "من الطويل":
وما مثله في الناس إلا مملكا ... أبو أمه حي أبوه يقاربه1
كان حقه أن يقول: وما مثله في الناس حي يقاربه إلا مملك أبو أمه أبوه؛ فإنه مدح إبراهيم بن هشام بن إسماعيل المخزومي خال هشام بن عبد الملك بن مروان فقال: "وما مثله" يعني: إبراهيم الممدوح، "في الناس حي يقاربه"[2] أي: أحد يشبهه في الفضائل، إلا "مملكا" يعني هشاما، "أبو أمه" أي: أبو أم هشام، "أبوه" أي: أبو الممدوح، فالضمير في "أمه" للمملك، وفي "أبوه" للممدوح؛ ففصل بين "أبو أمه" وهو مبتدأ و"أبوه" وهو خبره بـ "حي" وهو أجنبي، وكذا فصل بين "حي" و"يقاربه" وهو نعت "حي" بـ "أبوه" وهو أجنبي، وقدم المستثنى على المستثنى منه، فهو كما تراه في غاية التعقيد[3].

= في النحو, وهذه الأمور كالتقديم والتأخير والحذف والإضمار ونحو ذلك، وبهذا يكون التعقيد اللفظي غير ضعف التأليف، ولكنهما قد يجتمعان في مثال واحد، كما في بيت الفرزدق، وينفرد ضعف التأليف في مثل: "ضرب غلامه زيدا"، وينفرد التعقيد في مثل: "إلا عمرًا الناسَ ضاربُ زيد" بتقديم المفعول والمستثنى وتأخير المبتدأ، وهذا جائز في النحو، والأصل: "زيد ضارب الناس إلا عمرًا".
1 هو لهمّام بن غالب التميمي المعروف بالفرزدق، وقيل: إن البيت ليس له.
[2] فـ "يقاربه" في البيت بمعنى: يضاهيه ويشبهه، ويجوز أن يكون من قُرب النسب.
[3] حمله بعضهم على وجه لا تعقيد فيه، فجعل الاستثناء من الضمير المستتر في متعلق الجار والمجرور قبله، وجعل قوله: "حي" خبرا لقوله: "أبو أمه"، وكذلك قوله: "أبوه" فهو خبر بعد خبر، وجملة ذلك صفة لقوله: "مملكا"، وكذلك جملة "يقاربه" فهي صفة بعد صفة، ويكون المعنى: "إلا مملكا يقاربه أبو أمه حي"، وهو أبو الممدوح، ولا يخفى ما في الإخبار بحي من التهافت.
ومن التعقيد اللفظي قول أبي تمام "من الكامل":
ولقد ثنى الأحشاء من برحائها ... أن صار بابك جار ما زيار
ثانيه في كبد السماء ولم يكن ... كاثنين ثان إذ هما في الغار =
اسم الکتاب : بغية الإيضاح لتلخيص المفتاح في علوم البلاغة المؤلف : الصعيدي، عبد المتعال    الجزء : 1  صفحة : 19
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست