responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بغية الإيضاح لتلخيص المفتاح في علوم البلاغة المؤلف : الصعيدي، عبد المتعال    الجزء : 1  صفحة : 144
وكما في قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ} [النساء: 64] لم يقل: "واستغفرت لهم" وعدل عنه إلى طريق الالتفات؛ تفخيما لشأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتعظيما لاستغفاره، وتنبيها على أن شفاعة من اسمه الرسول من الله بمكان.
وذكر السكاكي[1] لالتفات امرئ القيس في الأبيات الثلاثة على تفسيره وجوها: أحدها أن يكون قصد تهويل الخطب واستفظاعه، فنبه في التفاته الأول على أن نفسه وقت ورود ذلك النبأ عليها ولهتْ وَلَه الثكلى، فأقامها مقام المصاب الذي لا يتسلى بعض التسلي إلا بتفجع الملوك له، وتحزنهم عليه، وخاطبها "بتطاول ليلكِ"[2] تسلية، أو على أنها لفظاعة شأن النبأ أبدت قلقا شديدا ولم تتصبر -فعل الملوك- فشك في أنها نفسه، فأقامها مقام مكروب، وخاطبها بذلك تسلية, وفي الثاني على أنه صادق في التحزن -خاطب أو لا- وفي الثالث على أنه يريد نفسه.
أو نبه[3] في الأول على أن النبأ لشدته تركه حائرا، فما فَطِنَ معه لمقتضى الحال؛ فجرى على لسانه ما كان ألِفه من الخطاب الدائر في مجاري أمور الكبار أمرا ونهيا. وفي الثاني على أنه بعد الصدمة الأولى أفاق شيئا، فلم يجد النفس معه، فبنى الكلام على الغيبة. وفي الثالث على ما سبق.
أو نبه[4] في الأول على أنها حين لم تثبت ولم تتبصر غاظه ذلك؛ فأقامها مقام المستحق للعتاب، فخاطبها على سبيل التوبيخ والتعيير بذلك، وفي الثاني على أن الحامل على الخطاب والعتاب لما كان هو الغيظ والغضب، وسكن عنه الغضب بالعتاب الأول، ولى عنها الوجه وهو يُدمدم قائلا: "وبات وباتت له"، وفي الثالث على ما سبق.
هذا كلامه، ولا يخفى على المنصف ما فيه من التعسف[5].

[1] المفتاح ص107.
[2] فكافها مكسورة، ويصح فتحها نظرا إلى كون النفس يراد بها شخصه.
[3] هذا هو الوجه الثاني، وكان المناسب لسياقه أن يقول: وثانيها.
[4] هذا هو الوجه الثالث.
[5] لأنه يحمل امرأ القيس ما لا يمكن أن يكون قد خطر بباله من ذلك. ولا يخفى أن كثيرا من اللطائف التي تلتمس للالتفات فيها مثل هذا التعسف، وأن ذلك يرجع إلى أنها غير مضبوطة؛ لأنها لو كانت مضبوطة لأمكن الرجوع إلى أمر ظاهر مقرر منها.
اسم الکتاب : بغية الإيضاح لتلخيص المفتاح في علوم البلاغة المؤلف : الصعيدي، عبد المتعال    الجزء : 1  صفحة : 144
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست