responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بغية الإيضاح لتلخيص المفتاح في علوم البلاغة المؤلف : الصعيدي، عبد المتعال    الجزء : 1  صفحة : 142
وأما على المشهور[1] فلا التفات في البيت الأول، وفي الثاني التفاتة واحدة، فيتعين أن يكون في الثالث التفاتتان، فقيل: هما في قوله: "جاءني" إحداهما باعتبار الانتقال من الخطاب في البيت الأول، والأخرى باعتبار الانتقال من الغيبة في الثاني. وفيه نظر؛ لأن الانتقال إنما يكون من شيء حاصل ملتَبَس به؛ وإذ قد حصل الانتقال من الخطاب في البيت الأول إلى الغيبة في الثاني لم يبق الخطاب حاصلا ملتبَسا به؛ فيكون الانتقال إلى التكلم في الثالث من الغيبة وحدها، لا منها ومن الخطاب جميعا؛ فلم يكن في البيت الثالث إلا التفاتة واحدة، وقيل: إحداهما في قوله: "وذلك"؛ لأنه التفات من الغيبة إلى الخطاب[2]، والثانية في قوله: "جاءني"؛ لأنه التفات من الخطاب إلى التكلم، وهذا أقرب.
بلاغة الالتفات:
واعلم أن الالتفات من محاسن الكلام، ووجه حسنه -على ما ذكر الزمخشري- هو أن الكلام إذا نُقل من أسلوب إلى أسلوب[3] كان ذلك أحسن تطرية[4] لنشاط السامع، وأكثر إيقاظا للإصغاء إليه من إجرائه على أسلوب

[1] قد ذكروا أن مذهب السكاكي في الالتفات هو مذهب الزمخشري؛ فلا معنى لتكلف تحقيق الالتفات الذي ذكره في البيتين على مذهب الجمهور؛ لأن مذهبه يخالف مذهبهم.
[2] الالتفات في قوله: "ذلك" متكلف؛ لأنه لا دليل على أنه يعني بالخطاب فيها نفسه، بل الظاهر أن المعنيّ بها غير المتكلم؛ ولهذا لم ينظر إليها قبل هذا التكلف.
[3] إنما خص بيان محاسن الالتفات بما فيه نقل من أسلوب إلى أسلوب؛ لأنه هو الغالب فيه، أما الالتفات الذي انفرد به السكاكي فوجه حسنه أن المخاطب إذا سمع خلاف ما يترقب نشط وأصغى إليه، وقد قيل: إن الالتفات على هذا يكون من المحسنات البديعية، فلا يصح ذكره هنا؛ لأن حسنه يرجع إلى ما ذكره الزمخشري, ولا يرجع إلى اقتضاء المقام. وأجيب بتسليم أنه من المحسنات البديعية، ولكن هذا لا يمنع من إدخاله في علم المعاني عند اقتضاء المقام لفائدته من طلب مزيد الإصغاء لكون الكلام دعاء أو مدحا أو نحوهما. والحق أن مثل هذا يكون شرطا لحسنه، ولا يقتضي وجوبه في البلاغة, فلا يصح أن يعد به من علم المعاني.
[4] أي: تجديدا، تقول: "طريتُ الثوب" إذا عملتَ ما يجعله طريا كأنه جديد.
اسم الکتاب : بغية الإيضاح لتلخيص المفتاح في علوم البلاغة المؤلف : الصعيدي، عبد المتعال    الجزء : 1  صفحة : 142
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست