اسم الکتاب : بغية الإيضاح لتلخيص المفتاح في علوم البلاغة المؤلف : الصعيدي، عبد المتعال الجزء : 1 صفحة : 136
ظهوره حتى كأنه محسوس بالبصر. ومنه في غير باب المسند إليه قوله "من الطويل":
تعاللتِ كي أشجى وما بك علة ... تريدين قتلي، قد ظفرتِ بذلك1
وإما لنحو ذلك[2].
وإن كان المظهر غير اسم إشارة؛ فالعدول إليه عن المضمر إما لزيادة التمكين[3] كقوله تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، اللَّهُ الصَّمَدُ} [الإخلاص: [1]، [2]] ، ونظيره من غيره قوله: {وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ} [الإسراء: 105] ، وقوله: {فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} [البقرة: 59] .
وقول الشاعر:
إن تسألوا الحق نعطِ الحق سائله4
بدل "نعطكم إياه".
وإما لإدخال الرَّوْع في ضمير السامع وتربية المهابة, وإما لتقوية داعي المأمور[5]. مثالهما قول الخلفاء: "أمير المؤمنين يأمرك بكذا". وعليه من غيره: {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} [1].
وإما للاستعطاف، كقوله:
إلهي عبدك العاصي أتاكا2
وإما لنحو ذلك3 [1] هو كما رواه المبرد لمرة بن عبد الله الهلالي، وقوله: "تعاللت" بمعنى ادعاء العلة. وقوله: "أشجى" بمعنى أحزن، والشاهد في وضع اسم الإشارة موضع الضمير؛ لأن الظاهر أن يقال: قد ظفرتِ به أي: بالقتل، والداعي إلى ذلك هو ادعاء كمال ظهوره حتى كأنه محسوس بالبصر. [2] كالإشارة إلى بعده، ويمكن أن يحمل عليه ما في البيت السابق أيضا؛ بأن يكون مراده به الإشارة إلى بعد قتله لكمال شجاعته. [3] هذا إذا كان المقام يقتضي الاعتناء بالمسند إليه.
4 هو لعبد الله بن عنمة الضبي من قوله "من البسيط":
إن تسألوا الحق نعط الحق سائله ... والدرع محقبة والسيف مقروب
والمحقبة: المشدودة في الحقبة، والمقروب: الموضوع في قرابه. وسيأتي هذا البيت مع بيت قبله في شواهد الالتفات. [5] أي: إلى امتثال ما أُمر به.
اسم الکتاب : بغية الإيضاح لتلخيص المفتاح في علوم البلاغة المؤلف : الصعيدي، عبد المتعال الجزء : 1 صفحة : 136