اسم الکتاب : بغية الإيضاح لتلخيص المفتاح في علوم البلاغة المؤلف : الصعيدي، عبد المتعال الجزء : 1 صفحة : 129
ذو اليدين[1]: "أقصرت الصلاة أم نسيت يا رسول الله؟ ": "كل ذلك لم يكن" أي: لم يكن واحد منهما: لا القصر ولا النسيان.
وقول أبي النجم "من الرجز":
قد أصبحت أم الخيار تدعي ... علي ذنبا كله لم أصنع2
ثم قال: "وعلة ذلك أنك إذا بدأت "بكل" كنت قد بنيت النفي عليه وسلطت الكلية على النفي، وأعملتها فيه، وإعمال معنى الكلية في النفي يقتضي ألا يشذ شيء عن النفي، فاعرفه". هذا لفظه، وفيه نظر[3].
وقيل: إنما كان التقديم مفيدا للعموم دون التأخير؛ لأن صورة التقديم تُفهِم سلب لحوق المحمول للموضوع[4]، وصورة التأخير تفهم سلب الحكم من غير تعرض للمحمول بسلب أو إثبات. وفيه نظر أيضا؛ لاقتضائه ألا تكون "ليس" في نحو قولنا: "ليس كل إنسان كاتبا" مفيدة لنفي كاتب. هذا إن حمل كلامه على ظاهره، وإن تُؤُوِّل بأن مراده أن التقدم يفيد سلب لحوق المحمول عن كل فرد، والتأخير يفيد سلب لحوقه لكل فرد، اندفع هذا الاعتراض، لكن كان مصادرة على [1] هو الحرباق أو العرباض بن عمرو.
2 هو للفضل بن قدامة, المعروف بأبي النجم. والرواية برفع "كله" على أنه مبتدأ خبره جملة "لم أصنع"، والرابط محذوف؛ أي: لم أصنعه. [3] لعل وجه النظر ما قيل: إن تمثيله بـ "ما جاء القوم كلهم" ليس بجيد؛ لأن "كلهم" هنا ليس مسندا ولا مسندا إليه بل هو تأكيد، ولكن سلب العموم هنا في الألف واللام في "القوم". ومثله في هذا تمثيله بـ "لم آخذ الدراهم كلها"، وإني أرى أن المثالين من باب عموم السلب لا من باب سلب العموم، و"كل" فيهما تفيد شمول النفي كما تفيد شمول الإثبات في نحو: "جاء القوم كلهم"؛ لأن الغرض من التوكيد واحد فيهما، وهو إفادة الشمول في النسبة إثباتا كانت أو نفيا. [4] المراد بالموضوع لفظ "إنسان" في قولنا: "كل إنسان لم يقم"، و"ليس كل إنسان قائما" لا لفظ "كل"، وهذا اصطلاح أهل المنطق، إنما أفادت صورة التقديم ذلك لاتصال النفي فيه بالمحمول دون الحكم؛ لأنها موجبة معدولة المحمول.
اسم الکتاب : بغية الإيضاح لتلخيص المفتاح في علوم البلاغة المؤلف : الصعيدي، عبد المتعال الجزء : 1 صفحة : 129