اسم الکتاب : بغية الإيضاح لتلخيص المفتاح في علوم البلاغة المؤلف : الصعيدي، عبد المتعال الجزء : 1 صفحة : 126
فيقدم ليفيد نفي القيام عن كل واحد من الناس؛ لأن الموجبة المعدولة المهملة[1] في قوة السالبة الجزئية المستلزمة نفي الحكم عن جملة الأفراد، دون كل واحد منها، فإذا سُوِّرت بـ "كل" وجب أن تكون لإفادة العموم لا لتأكيد نفي الحكم عن جملة الأفراد؛ لأن التأسيس خير من التأكيد[2] ولو لم تقدم فقلت: "لم يقم كل إنسان" كان نفيا للقيام عن جملة الأفراد دون كل واحد منها[3]؛ لأن السالبة المهملة[4] في قوة السالبة الكلية[5] المقتضية سلب الحكم عن كل فرد لورود موضوعها في سياق النفي[6]، فإذا سورت بـ "كل" وجب أن تكون لإفادة نفي الحكم عن جملة الأفراد؛ لئلا يلزم ترجيح التأكيد عن التأسيس".
وفيه نظر؛ لأن النفي عن جملة الأفراد في الصورة الأولى -أعني: الموجبة المعدولة المهملة- كقولنا: "إنسان لم يقم" وعن كل فرد في الصورة الثانية -أعني: السالبة المهملة- كقولنا: "لم يقم إنسان" إنما أفاده الإنسان إلى "إنسان"، فإذا أضيف "كل" إلى "إنسان" وحُوِّل الإسناد إليه، فأفاد في الصورة الأولى نفي الحكم عن جملة الأفراد، وفي الثانية نفيه عن كل فرد منها، كان "كل" تأسيسا لا تأكيدا؛ لأن التأكيد [1] المعدولة هي التي وقع النفي جزءا من موضوعها أو محمولها، والمهملة هي التي لم تسور بسور كلي أو جزئي، والمراد بالموجبة المعدولة المهملة هنا جملة "إنسان لم يقم" قبل دخول "كل" عليها؛ فهي في قوة السالبة الجزئية، أي: "لم يقم بعض الإنسان"، فكل منهما يفيد نفي الحكم عن جملة الأفراد, لا عن كل واحد منها. [2] يريد بالتأسيس إفادة معنى جديد، وبالتأكيد خلافه. [3] هذا باعتبار الغالب، وقد يتقدم النفي على "كل" ويكون المعنى على عموم النفي، كما في قوله تعالى: {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ} [البقرة: 276] ، وقيل: إن دلالة هذا ونحوه على عموم النفي ليس بأصل الوضع، وإنما هو بمعونة القرائن. [4] هي جملة: "ولم يقم إنسان". [5] هي جملة: "لا شيء من الإنسان بقائم". [6] لأن النكرة في سياق النفي تعم.
اسم الکتاب : بغية الإيضاح لتلخيص المفتاح في علوم البلاغة المؤلف : الصعيدي، عبد المتعال الجزء : 1 صفحة : 126