responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بغية الإيضاح لتلخيص المفتاح في علوم البلاغة المؤلف : الصعيدي، عبد المتعال    الجزء : 1  صفحة : 125
فإنه معلوم أنه لم يرد أن يُعرِّض بواحد هناك فيصفه بأنه ينخدع؛ بل أراد أنه ليس ممن ينخدع. وكذا قول أبي تمام "من الوافر":
وغيري يأكل المعروف سُحْتا ... ويشحُب عنده بيِض الأيادي1
فإنه لم يرد أن يعرض بشاعر سواه فيزعم أن الذي قُرف به عند الممدوح من أنه هجاه كان من ذلك الشاعر لا منه، بل أراد أن ينفي عن نفسه أن يكون ممن يكفر النعمة ويلؤم لا غير.
واستعمال "مثل" و"غير" هكذا مركوز في الطباع، وإذا تصفّحت الكلام وجدتهما يُقدَّمان أبدا على الفعل إذا نُحِي بهما نحو ما ذكرناه، ولا يستقيم المعنى فيهما إذا لم يقدما، والسر في ذلك أن تقديمهما يفيد تقوي الحكم كما سبق تقريره، وسيأتي أن المطلوب بالكناية في مثل قولنا: "مثلك لا يبخل, وغيرك لا يجود" هو الحكم[2]، وأن الكناية أبلغ من التصريح فيما قصد بها، فكان تقديمهما أعون للمعنى الذي جُلبا لأجله.
قيل[3]: " ... وقد يقدم؛ لأنه[4] دال على العموم[5] كما تقول: "كل إنسان لم يقم"

1 هو لحبيب بن أوس المعروف بأبي تمام، والسحت: الحرام، ويعني بذلك أنه لا يجحد المعروف فيأكله سحتا، وقوله: "يشحب" من الشحوب وهو في الأصل تغير اللون، والأيادي: النعم.
[2] لأنه من قسم الكناية التي يُطلب بها نسبة.
[3] المصباح ص13 "لبدر الدين بن مالك" المطبعة الخيرية، وانظر طبعة مكتبة الآداب المحققة.
[4] أي: المسند إليه على الخبر الفعلي.
[5] لا يخفى أن دلالة التقديم هنا على العموم دلالة لغوية لا وجه لذكرها هنا، وإن كانت تدل على دقة العربية في ترتيب كلامها، وإنما ينظر هنا إلى أن نحو: "كل إنسان لم يقم" يفيد تقوية حكم العموم، بخلاف نحو: "لم يقم إنسان" فهو داخل في تقديم المسند إليه على الخبر الفعلي، وما كان أغنى الخطيب عن الإطالة في هذا البحث الذي لا صلة له بهذا العلم، وإنما هو أشبه بعلم المنطق!!
اسم الکتاب : بغية الإيضاح لتلخيص المفتاح في علوم البلاغة المؤلف : الصعيدي، عبد المتعال    الجزء : 1  صفحة : 125
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست