اسم الکتاب : أمثال العرب - ط الهلال المؤلف : المفضل الضبي الجزء : 1 صفحة : 89
ووقعت الحرب وتمايز الحيان بكر وتغلب، فزعموا أنّ الحارث بن عباد بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة، وكان رجلا حليما شجاعا لما رأى ما وقع من الشر قال: لا ناقة لي في هذا ولا جمل «1» فأرسلها مثلا واعتزل فلم يدخل في شيء من أمرهم.
ثم إن بني تغلب قالوا «2» : لا تعجلوا على إخوتكم حتى تعذروا فيما بينكم وبينهم، فانطلق رهط من أشرافهم وذوي أسنانهم حتى أتوا مرة بن ذهل بن شيبان فعظموا ما بينهم وبينه وقالوا: اختر منا خصالا: إما أن تدفع إلينا جساسا فنقتله بصاحبنا، فلم يظلم من قتل قاتله، وإما أن تدفع إلينا هماما، أو تقيدنا من نفسك، فسكت وقد حضرته وجوه بكر بن وائل فقالوا: إنك غير مخذول «3» قال: أما جساس فإنه غلام حديث السن ركب رأسه فهرب حين خاف ولا علم لي به، وأما همام فأبو عشرة وأخو عشرة وعمّ عشرة»
، ولو دفعته إليكم صيّح بنوه في وجهي وقالوا: دفعت أبانا [للقتل] بجريرة غيره فهل لكم إلى غير ذلك؟ هؤلاء بنيّ فدونكم أحدهم فاقتلوه وأما أنا فما أتعجل من الموت، وهل تزيد الخيل على أن تجول جولة فأكون أول قتيل، ولكن هل لكم إلى غير ذلك؟ قالوا: وما هو؟ قال:
لكم ألف ناقة يضمنها لكم بكر بن وائل «5» فغضبوا وقالوا: لم نأتك لترذل لنا- أي تعطينا رذال بنيك- ولا تسومنا اللبن.
ثم تفرقوا فوقعت الحرب بينهم، فاعتزل الحارث بن عباد بن ضبيعد بن قيس بن ثعلبة.
ثم إن بني تغلب لقوا بجير بن الحارث بن عباد وهو غلام في إبله فأتوا به مهلهلا، وكان رئيس بني تغلب بعد كليب، وكان كليب يضعّفه ويقول: إنما أنت زير نساء، فلما أتي ببجير قال: من أنت «6» يا غلام؟ قال: أنا بجير بن الحارث بن عباد، وقد عرفت أن أبي قد كره أمر هذه الحرب واعتزل الدخول فيها، قال: من أمك؟
قال: فلانة بنت فلان، فأمر به مهلهل فضربت عنقه وقال: بؤبشسع نعل كليب «7» ، فبلغ الحارث بن عباد الخبر
اسم الکتاب : أمثال العرب - ط الهلال المؤلف : المفضل الضبي الجزء : 1 صفحة : 89