responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الوساطه بين المتنبي وخصومه ونقد شعره المؤلف : الجرجاني، أبو الحسن    الجزء : 1  صفحة : 98
وقلت: احتملنا له ما قدّمناه على ما فيه من فنون المعايب، وأصناف القبائح؛ كيف يُحتمل له اللفظُ المعقّد، والترتيب المتعسَّف لغير معنى بديع يفي شرفُه وغرابتُه بالتعب في استخراجه، وتقوم فائدة الانتفاع بإزاء التأذي باستماعه، كقوله:
وفاؤكُما كالرّبْعِ أشجاهُ طاسِمُه ... بأن تُسعِدا والدّمعُ أشفاه ساجِمُهْ
ومن يرى هذه الألفاظ الهائلة، والتعقيد المُفرط، فيشك أن وراءَها كنزاً من الحكمة، وأن في طيّها الغنيمة الباردة؛ حتى إذا فتّشها، وكشف عن سترها، وسهِر ليالي متوالية فيها حصل على أن وفاء كما يا عاذليّ بأن تُسعِداني إذا درس شجاي، وكلما ازداد تدارُساً ازددت له شجْوا؛ كما أن الربع أشجاه دارسُه.
فما هذا من المعاني التي يضيع لها حلاوة اللفظ، وبهاء الطبع، ورونق الاستهلال، ويشح عليها حتى يهلهِل لأجلها النَسْج، ويفسِد النظم، ويفصِل بين الباء ومتعلقها بخبر الابتداء قبل تمامه، ويقدّم ويؤخّر، ويعمّي ويعوّص! ولو احتمل الوزن ترتيب الكلام على صحته فقيل: وفاؤكما بأن تسعِدا أشجاه طاسِمُه كالربع، أو وفاؤكما بأن تسعدا كالربع أشجاه طاسمه، لظهر هذا المعنى المضْنون به، المتنافَس فيه؛ فأما قوله: والدمعُ أشفاه ساجمُه فخطاب مستأنَف، وفصلٌ منقطِع عن الأول، وكأنه قال: وفاؤكما والربع أشجاه ما طسم، والدمع أشفاه ما سجَم.
وكذلك قوله:
أحادٌ أم سُداسٌ في أُحادٍ ... لُييلَتنا المنوطةُ بالتّنادِ

اسم الکتاب : الوساطه بين المتنبي وخصومه ونقد شعره المؤلف : الجرجاني، أبو الحسن    الجزء : 1  صفحة : 98
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست