اسم الکتاب : الوساطه بين المتنبي وخصومه ونقد شعره المؤلف : الجرجاني، أبو الحسن الجزء : 1 صفحة : 201
وأول ما يلزمُك في هذا الباب ألا تُقصِر السّرقة على ما ظهر ودعا الى نفسه دون ما كمَن، ونضح عن صاحبه؛ وألا يكون همّك في تتبّع الأبيات المتشابهة، والمعاني المتناسخة طلب الألفاظ والظواهر دون الأغراض والمقاصد، ولن تُكمِل ذلك حتى تعرفَ تناسب قول لبيد:
وما المالُ والأهلونَ إلا ودائع ... ولا بدّ يوماً أن تردّ الودائعُ
وقول الأفوه الأوْدي:
وإنما نِعمةُ قومٍ متعةٌ ... وحياةُ المرءِ ثوبٌ مُستعارُ
وإن كان هذا ذكر الحياة، وذلك ذكر المال والولد، وكان أحدُهما جُعل وديعة، والآخر عارية، وتعلم أنّ قول الشاعر:
وما المرءُ إلا حيث يجعلُ نفسه
هو من قول الآخر:
فنفسَك أكرِمها فإنّك إن تهُن ... عليك فلن تلْقى لها الدهرَ مُكرِما
وحتى تتأمل هذه الأبيات فتعرف انتسابَ بعضِها الى بعض، واتصال كلّ واحد منها بصاحبه، مع افتِنان مذاهبهما، واختلاف مواقعهما، كقول زهير:
وليس لمنْ لم يركب الهوْلَ بُغية ... وليس لمن قد حطّه الله حاملُ
وقول حاتم:
إذا أوطنَ القومُ البيوتَ وجدتَهم ... عُماةً عن الأخبار خُرْقَ المكاسبِ
اسم الکتاب : الوساطه بين المتنبي وخصومه ونقد شعره المؤلف : الجرجاني، أبو الحسن الجزء : 1 صفحة : 201