أيها المحزون:
إن كنت تعلم أنك قد أخذت على الدهر عهدًا أن يكون لك كما تريد في جميع شؤونك وأطوارك وألا يعطيك ولا يمنعك إلا كما تحب وتشتهي فجدير بك أن تطلق لنفسك في سبيل الحزن عنانها كلما فاتك مأرب، أو استعصى عليك مطلب، وإن كنت تعلم أخلاق الأيام في أخذها وردها، وعطائها ومنعها، وأنها لا تنام عن منحة تمنحها حتى تكر عليها راجعة فتستردها، وأن هذه سنتها وتلك خَلتها في جميع أبناء آدم سواء في ذلك ساكن القصر وساكن الكوخ، ومن يطأ بنعله هام الجوزاء، ومن ينام على بساط الغبراء، فخفِّض من حزنك، وكفكف من دمعك، فما أنت بأول غرض أصابه سهم الزمان، وما مصابك بالبدعة الطريفة في جريدة المصائب والأحزان.
أنت حزين لأن نجمًا زاهرًا من الأمل كان يتراءى لك في سماء حياتك فيملأ عينيك نورًا، وقلبك سرورًا، وما هي إلا كرَّة الطرف أن افتقدته، فما وجدته، ولو أنك أجملت في