الصياد:
حدث أحد الأصدقاء قال: بينا أنا في منزلي صبيحة يوم إذ دخل علي رجل صياد يحمل في شبكة فوق عاتقه سمكة كبيرة, فعرضها علي فلم أساومه فيها بل نقدته الثمن الذي أراده فأخذه شاكرا متهللا وقال: هذه هي المرة الأولى التي أخذت فيها الثمن الذي اقترحته، أحسن الله إليك كما أحسنت إلي وجعلك سعيدا في نفسك، كما جعلك سعيدا في مالك، فسررت بهذه الدعوة كثيرا وطمعت أن تفتح لها أبواب السماء، وعجبت أن يهتدي شيخ عامي إلى معرفة حقيقة لا يعرفها إلا القليل من الخاصة، وهي أن للسعادة النفسية شأنا غير شأن السعادة المالية، فقلت له: يا شيخ وهل توجد سعادة غير سعادة المال؟، فابتسم ابتسامة هادئة مؤثرة وقال: لو كانت السعادة سعادة المال لكنت أنا أشقى الناس؛ لأنني أفقر الناس، قلت: وهل تعد نفسك سعيدا؟ قال: نعم؛ لأنني قانع برزقي مغتبط بعيشي لا أحزن على فائت من العيش