ما الذي يحمله في صدره لك من الحقد والموجدة رجل لم ينعم بشبابه، فيحزن على ذهابه، ولم يذق حلاوة الحياة، فيجزع لمرارة الممات، ولم يستنشق نسمات السعادة غصنا رطبا، فيأسى عليها عودا يابسا.
ما الذي ينقمه منك من الشئون رجل يعلم أنك وحي الأمل الذي يبشره بقرب النجاة من حياة ليس فيها من السعادة والهناء إلا لحظات قليلة, يكدرها ما يحيط بها من الهموم والأحزان كما تكدر أنفاس الحزن الحارة صفحة المرآة.
أليس كل ما أعده عليك من الذنوب أنك طليعة الموت, والموت هو الذي يخلصني من منظر هذا العالم المملوء بالشرور والآثام، الحافل بالآلام والأسقام، الذي لا أغمض عيني فيه إلا لأفتحها على صديق يغدر بصديقه، وأخ يخون أخاه، وعشير يحدد أنيابه ليمضغ عشيره، وغني يضن على الفقير بفتات مائدته، وفقير يقترح على الدهر حتى بلغه الموت فلا يظفر بأمنيته، وملك لا يفرق بين رعيته وماشيته، ومملوك لا يميز بين ملك الملك وربوبيته، وقلوب تضطرم حقدا على غير طائل، ونفوس تتفانى قتلا على لون حائل، وظل زائل، وغرض باطل، وعقول تتهالك وجدا على نار تحرقها، وأنياب تمزقها، وعيون حائرة، في رءوس