مصيبتين، مصيبة الشيب، ومصيبة الكذب.
أيتها الشعرة البيضاء: يخيل إلي وأنا أنظر إليك أنك من ذوات الحيلة والدهاء والكيد والخبث، وأنك تهمسين في آذان أخواتك السود اللواتي بجانبك تحاولين إغراءهن بالتشبه بك والتردي بردائك، وكأني بك وقد أشعلت في هذه البيئة الهادئة المطمئنة حربا شعواء، وفتنة عمياء، يختلط فيها الرامح بالنابل[1] والدارع بالحاسر[2]، ويهلك فيها القاعد والقائم، والمظلوم والظالم.
إن كان هذا مصيرك فسيكون شأنك شأن ذلك السائح الأبيض الذي ينزل بأمة الزنج مستكشفا فيصبح مستعمرا، ويدخل أرضها سلما، ويفارقها حربا، فأسأل الله لرأسي العافية منك، ولأمة الزنج السلامة من صاحبك، فكلاكما مشئوم الطلعة في مقامه وارتحاله، وكوكب النحس في وقوفه وتسياره.
أيتها الشعرة البيضاء: ما أنت، وما وفودك إلي، وما مكانك مني، وما مقامك عندي، إن كنت ضيفا فأين استئذان الضيف وتلطفه، وتجمله وتودده، وإن كنت نذيرا فأنا أعلم [1] الرامح حامل الرمح والنابل ذو النبل. [2] الدارع لابس الدرع والحاسر خلافه.