وأنت تعلم أن دينا خرافيا خير من لا دين، أولت لهم بعض آيات الكتاب فاتخذوا التأويل قاعدة حتى أولوا الملك والشيطان والجنة والنار، وبينت لهم حكم العبادات وأسرارها، وسفهت لهم رأيهم في الأخذ بقشورها دون لبابها، فتركوها جملة واحدة، وقلت لهم: إن الولي إله باطل، والله إله حق، فأنكروا الألوهية حقها وباطلها، فتهلل وجه الشيخ وقال له: ما زلت يا قاسم في أخراك، مثل في دنياك، لا تضطرب في حجة، ولا تنام عن ثأر، يا قاسم لا تحمل هما، ولا تخش شرا، وثق أن الله سيحاسبنا على نياتنا وسرائرنا، ويعفو عن هفواتنا وسقطاتنا، إنا ما أردنا إلا الخير لأمتنا، وما قدرنا لها في مستقبلها إلا ما تحتمله عقولنا، فإن كذبت فراستنا أو أخطأ تقديرنا فذلك؛ لأن المستقبل بيد الله.
وما وصلا من حديثهما إلى هذا الحد حتى تركا مكانهما وذهبا لشأنهما، فقلت لصاحبي: هل لك أن تريني الميزان والصراط والجنة والنار فإني ما زلت في شوق إلى رؤية تلك الأشياء, ورؤية مواقعها منذ رأيتها في "خريطة الآخرة" التي رسمها الشعراني في بعض كتبه؟ قال: أما الميزان فتقدير الأعمال والموازنة بين الحسنات