علماء الغرب والجيد الممتع من أدب كتابهم وشعرائهم على أن ننظر إليه نظر الباحث المنتقد لا الضعيف المستسلم، فلا نأخذ كل قضية علمية قضية مسلمة ولا نطرب لكل معنى أدبي طربا متدفعا، ولا مانع من أن ينقل إلينا الناقلون شيئا من عادات الغربيين ومصطلحاتهم في مدنيتهم على أن ننظر إليه نظر من يريد التبسط في العلم بشئون العالم والتوسع في التجربة والاختبار لا على أن نتقلدها وننتحلها ونتخذها قاعدتنا في استحسان ما نستحسن من شئوننا، واستهجان ما نستهجن من عاداتنا.
وبعد فليعلم كتاب هذه الأمة وقادتها أنه ليس في عادات الغربيين وأخلاقهم الشخصية الخاصة بهم ما نحسدهم عليه كثيرا، فلا يخدعوا أمتهم عن نفسها ولا يفسدوا عليها دينها وشرقيتها ولا يزينوا لها هذه المدنية الغربية تزيينا يرزؤها في استقلالها النفسي، بعد ما رزأتها السياسة في استقلالها الشخصي.