لا تظنوا أن الشعر كما تظنون, وإلا لاستطاع كل قارئ بل كل إنسان أن يكون شاعرا؛ لأنه لا يوجد في الناس من يعجزه تصور النغمة الموسيقية والتوقيع عليها من أخصر طريق.
أيها القوم، ما الشعر إلا روح يودعها الله فطرة الإنسان من مبدأ نشأته ولا تزال كامنة فيه كمون النار في الزند, حتى إذا شدا[1] فاضت على أسلات أقلامه[2] كما تفيض الكهرباء على أسلاكها، فمن أحس منكم بهذه الروح في نفسه فليعلم أنه شاعر أو لا فليكف نفسه مئونة التخطيط والتسطير, وليصرفها إلى معاناة ما يلائم طبعه ويناسب فطرته من أعمال الحياة، فوالله للمحراث في يد الفلاح والقدوم في يد النجار, والمسبر في يد الحداد أشرف وأنفع من القلم في يد النظام.
فإن غم عليكم الأمر وأعجزكم أن تعلموا مكان الروح الشعري من نفوسكم فأعرضوا أنفسكم على من يرشدكم إليكم, ويدلكم عليكم حتى تكونوا على بينة من أمركم. [1] شدا أخذ طرفا من الأدب والعلم. [2] الأسلات جمع أسلة وهي نبات رقيق الغصن.