نفسه بالأذى مخافة أن ينساه عند الحاجة إليه، حتى لو لم يبق في العالم شخص غيره لكانت نفسه مدبَّ عقاربه وغرض سهامه، وإن من الناس من إذا كشف لك عن أنيابه رأيت الدم الأحمر يترقرق فيها أو عن أظافره رأيت تحتها مخالب حادة لا تسترها إلا الصورة البشرية أو عن قلبه رأيت حجرًا صلدًا من أحجار الغرانيت لا يَبِضّ[1] بقطرة من الرحمة، ولا تَخْلُص إليه نسمة من العظة.
فيا أيها الإنسان احذر الحذر كله من أن تكون واحدًا من هؤلاء، فإنهم سباع مفترسة وذئاب ضارية، بل أعظك ألا تدنو من أحدهم أو تعترض طريقه، فربما بدا له أن يأكلك فأكلك غير حافل بك ولا آسف عليك.
أيها الإنسان: ارحم الأرملة التي مات عنها زوجها، ولم يترك لها غير صبية صغار، ودموع غزار، إرحمها قبل أن ينال اليأس منها ويعبث الهم بقلبها فتفضل الموت على الحياة.
إرحم المرأة الساقطة لا تزين لها خلالها، ولا تشتر منها عرضها علها تعجز عن أن تجد مساومًا يساومها فيه، فتعود به إلى كسر بيتها. [1] بض الدم سال.