اسم الکتاب : المعارك الأدبية المؤلف : أنور الجندي الجزء : 1 صفحة : 630
المصطنعين، وينبذ ما يستطيعه المجددون من أصحاب الاطلاع القليل أو أصحاب الذوق السليم.
ومن حساب الدكتور طه حسين أنه رجل جريء العقل وقويه، مفطور على المناجزة والتحرش، يستفيد مما يقنع بصحته ومما يعينه على التحدي والتفرد فلا يحجم عن اتخاذه، ولهذا تغير أسلوبه الكتابي بعد دراسته للأساليب الأوروبية، فاتخذ له نمطا يوافق علمه بالعربية الفصيحة وعلمه بتقسيم المقاطع والفواصل في الكلام الأوروبي، كما يتكلم من يجمع بين الحديث والكتابة، في وقت واحد فهو يتحدث ولا ينسى أنه يكتب، ويكتب ولا ينسى أنه يتحدث، وأسلوبه الذي اختاره هو أوفق الأساليب لذلك جميعًا، وأولها من نوعه في اللغة العربية، وليس فيه محاكاة لأسلوب آخر في اللغات الأوروبية.
ولو كانت كنايته حديثًا محضا لاسترسلت بلا توكيد ولا تكرير، ولو كان تقريرًا محضا أو درسا محضا لما انحرفت عن أسلوب الكتابة الذي لا يتحدث به القائل, ولو كانت تقريرًا أو درسًا على الطريقة الشرقية لما ظهرت فيها المقاطع والفواصل الأوروبية ولجرت على سياق الدروس الأزهرية. ولكن كتابته حديث فيه محاضرة ومراجعة وتنظيم فلا يوافقها إلا ذلك الأسلوب الذي استقل بابتداعه طه حسين ولو غضب المنكرون.
والدكتور صحيح الأصول في النقد ولكنه لا يوفق بين أصوله وطبيعته في كثير من الموضوعات، وهو حين يقرر المبدأ على الصواب غالب ولكنه حين يطبق المبدأ ينحرف أحيانا عن الصواب.
التباين بين القاعدة والطبع هو الذي جعل الدكتور ينكر الجديد إذا جاء في زي القديم.
اسم الکتاب : المعارك الأدبية المؤلف : أنور الجندي الجزء : 1 صفحة : 630