اسم الکتاب : المعارك الأدبية المؤلف : أنور الجندي الجزء : 1 صفحة : 286
تكون غدا فيمن لا نعرفه، ونحن نرد على هذا وعلى هذا برد سواء لا جهلنا من نجهله بلطف منه ولا معرفتنا من نعرفه تبالغ فيه. فإن كان في أسلوبنا من الشدة والعنف أو القول المؤلم أو التهكم فما ذلك أردنا ولكنا كالذي يصف الرجل الضال ليمنع المهتدي أن يضل، فما به زجر الأول بل عظة الثاني.
7- محمد أحمد الغمراوي 1:
جرى الناس على رد التفاصيل في الأدب إلى أصلين: اللفظ والمعنى, وبدءوا في ذلك وأعادوا وأسرفوا في الاختلاف بينهم. أي هذين الأصلين يقدم على الآخر في تقديم أديب على أديب واختلافهم في هذا شيء عجيب. فإن اللفظ والمعنى ركنان متلازمان لا ينبغي التقصير في أدبهما للأديب المكتمل.
إن امتلاك ناصية اللغة أمر لا بد منه لكل أديب يريد أن يبلغ في الأدب مرتبة الخلود وليس معنى هذا أن امتلاك ناحية اللغة وحدة كاف للخلود. فليس في الأدب مكانة لخلود المعنى الخسيس في اللفظ الأنيق.
وإذا تساءل متساءل: أي الأديبين أدل على امتلاك لناصية اللغة واقتدار على التفنن والتصرف في التعبير بها أدب الرافعي أم أدب العقاد؟ كان الجواب الذي يسرع إلى الإنسان في غير تكلف ولا تحيز؛ أدب الرافعي؛ كان أملك لناصية اللغة من شك أو أكثر افتنانا فيها وتصرفا بها. ولا نظن أن العقاديين يمارون في هذا فأكبر ما ادعاه العقاد مفتونهم به هو الأسلوب الفخم والتعبير الجيد غير بعيدين عن شعر العقاد.
بقيت ناحية المعنى ولم تر أحدا ظلم في معانيه مثل ما ظلم الرافعي ومعاني الرافعي يكثر من بينها الطريق كثرة تدعو إلى العجب, كثرة لا تظن أحدا من المحدثين يفضله فيها أو يزحمه.
1 الرسالة 15 أغسطس سنة 1938.
اسم الکتاب : المعارك الأدبية المؤلف : أنور الجندي الجزء : 1 صفحة : 286