اسم الکتاب : المعارك الأدبية المؤلف : أنور الجندي الجزء : 1 صفحة : 270
حقيقة لا بد من تقريرها عن الرافعي والعقاد:
ذلك أن الرافعي رحمه الله لو كان يرى العقاد ليس بشيء البتة وأن أدبه كله ساقط ذاهب السقوط, وأن مما كان يكتب ليغيظ به العقاد من جراء العداوة التي ضربت بينهما لما حمل الرافعي عناء الكتابة في نقد العقاد وتزييف أدبه وإبطال أصل الشعر في شعره.
ولو كان العقاد يرى في الرافعي بعض رأيه الذي كتب لما تكلف الرد على الرافعي ولا التعرض له. فالرافعي والعاقد أديبان قد أحكما أصول صناعتهما كل في ناحيته وغرضه وافينا الليالي والأيام والسنين في ممارسة ما هو فيه وإليه, وكلاهما يعلم عن عمل صاحبه مثل ما يعلم عنه ولا يظن بأحدهما أنه يجهل قيمة الآخر. فلما كانت العداوة بأسبابها بينهما بدأت قوة تعارض قوة ورأي يصارع رأيا وكان في كليهما طبيعة من العنف والمرام والحدة، ولمع العقاد بإرسال العبارة حين يغضب على هينها صريحة لا صنعة فيها, وأغرى الرافعي بالسخرية والمبالغة في تصوير ما نصب لسخره وتهكمه على طريقة من الفن، فمن ثم ظهرت العداوة بينهما في النقد وفي أذيالها أذى كثير وغباره ملأه القواذع والقوارض من اللفظ.
وعلى جنباته صور ينشئها أحدهما لصاحبه للكيد والغيظ والحفيظة ولا يرد بها إلا ذلك.
وخليق بنا وبآدابنا أن نطوي الآن سيئة رجلين قد تفارط أحدهما في غيب الله وبقي الآخر.
الكلمة الأولى أنها تدور رحاها عن نفي الإنسانية عن ذلك الإنسان رحمة الله عليه وخلوه من النفس, وفقدانه الطبع, وفقره إلى الأدب النفسي وما إلى ذلك من لفظ ضل عنه معناه وتهافت عليه حده.
اسم الکتاب : المعارك الأدبية المؤلف : أنور الجندي الجزء : 1 صفحة : 270