اسم الکتاب : المعارك الأدبية المؤلف : أنور الجندي الجزء : 1 صفحة : 267
كنت أنكر عليه الإنسانية فأصبحت أنكر عليه الطبع, وكنت لا أجد عنده "الأدب الفني" فأصبحت لا أجد عنده "الأدب النفسي" الرافعي أديب معجب، في أدبه طلاوة وقوة، ولكنه بعد أدب الذهن لا أدب الطبع فيه اللمحات الذهنية الخاطفة، واللفتات العقلية القوية التي تلوح للكثيرين أدبا مغريا عميقا لذيذا، ولكن الذي ينقصها أنه ليس وراءها ذخيرة نفسية ولا طبيعية حية.
لم تكن تعني الرجل في أدبه الحقيقة الأزلية البسيطة بقدر ما يعنيه أن يصور الحقيقة الوقتية محكمة النسج رائعة المظهر، تشبع الذهن ويستطيبها ولكنها لا تلمس القلب أو يستسيغها.
وكثيرا ما يختلط أدب الذهن وأدب الطبع إذا كان مع ذكاء وقوة وما من شك أن الرافعي كان ذكيا قوي الذهن ولكنه كان مغلفا من ناحية الطبع والأريحية.
وبعد فما كان يمكن أن يتفق العقاد والرافعي في شيء فلكل منهما نهج لا يلتقي مع الآخر في شيء.
العقاد أديب الطبع القوي والفطرة السليمة والرافعي أديب الذهن الوضاء والذكاء اللماع. والعقاد متفتح النفس ريان القلب والرافعي مغلق من هذه الناحية متفتح العقل وحده للفتات والومضات.
والطاقة العامة لكل منهما في ناحيته متفاوتة بعد ذلك؛ فطاقة العقاد النفسية أقوى من طاقة الرافعي الذهنية وعالم العقاد والحياة في نظره أشمل وأرحب بكثير من العالم الذي يعيش فيه الرافعي ويبصر الدنيا على ضوئه.
وفيما كتبه الأستاذ سعيد عن العقاد كثير من الجهل بطبيعة العقاد ودوافعه في الحياة وعوامل الكتابة في نفسه والأستاذ معذور في هذا لأنه لم يختلط بالعقاد أولا. ولأن نفسه لم تتفتح لأدب العقاد فتفهمه ثانيا. ولقد كان يعيش
اسم الکتاب : المعارك الأدبية المؤلف : أنور الجندي الجزء : 1 صفحة : 267