responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المعارك الأدبية المؤلف : أنور الجندي    الجزء : 1  صفحة : 112
الشرق وحجته العلمية في ذلك أن الغناء الإفرنجي غني بما فيه من طباق بين عدة أصوات.
"ف": ونحن إذا صرفنا النظر عن الغرائز المستقرة في العقل والتي يصدر عنها الفن الخاص بكل أمة وبحثنا الموسيقى من وجهة علمية استقرائية نجد أن الموسيقى العربية أصدق تعبيرًا للطبيعة وأدق تصويرًا للمشاعر بعديد نغماتها في الصوت المنفرد. فإن الموسيقى العربية تمثل في نغماتها السبع الأساسية ألوان الطيف يتفرع منها ما يزيد على السبعين نغمة تخضع مرنة ناعمة للعاطفة فتظهر خفاياها كصورة اختطفت عن الأصل بجميع أنوارها وظلالها.
إن الموسيقى الغربية رست على الطباق أو المطاوعة فكان لا بد لها من كبت النيران الدقيقة المتمردة على الطباق ومن الاكتفاء بنغمات معدودات هي محل ثروتها. أما الموسيقى العربية فإنها هتاف عميق من النفس منفردة تجاه الوحدة المتجلية في مستلهمات الشرق دينا وفنا. فهي وإن نقصها الطباق لعدم ملاءمته لحريتها ودقة نبراتها لا تزال في دور انحطاطها اليوم، أغنى بأوزانها ونغماتها من الموسيقى الغربية الغنية بالصخب والفقيرة بالتنوع المنفرد.
يمكنني أن أؤكد أن الفن الغربي على ما بذل فيه من جهود لا يرتكز على أساس من الموسيقى الطبيعية التي تتجلى بكل روعتها في الإنشاد العربي المفرد. ولو أن رجال الفن عندنا أدركوا هذه الحقيقة وانصرفوا إلى شرقية موسيقانا على أساسها دون أن يستهويهم ما يتوهمونه رائعا في الموسيقى الغربية لكانوا ينتزعون من الطبيعة أروع موسيقاها ولكن أكثرهم كمن لديه ثروة يطبق خزانته عليها ليذهب مستجديا من الغرب كسرات تتخمه ولا تسد جوعه.

اسم الکتاب : المعارك الأدبية المؤلف : أنور الجندي    الجزء : 1  صفحة : 112
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست