اسم الکتاب : المستطرف في كل فن مستطرف المؤلف : الأبشيهي، شهاب الدين الجزء : 1 صفحة : 492
إن كنت أعلم أن ... غير الله ينفع أو يضر
الباب التاسع والسبعون في التوبة والاستغفار
قد تظاهرت دلائل الكتاب والسنة وإجماع الأمة على وجوب التوبة، وأمر الله تعالى بالتوبة فقال وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ
«1» ووعد بالقبول فقال تعالى: هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ
«2» . وفتح باب الرجاء فقال: قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ 53
«3» .
وروي في الصحيح عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أيها الناس توبوا إلى الله تعالى فإني أتوب إلى الله تعالى في اليوم مائة مرة.
وروى أحمد بن عبد الرحمن السلماني قال: اجتمع أربعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أحدهم: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله تعالى يقبل التوبة من عبده قبل أن يموت بيوم، فقال الثاني: أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم. قال: وأنا سمعته يقول: إن الله تعالى يقبل توبته قبل أن يموت بنصف يوم، فقال الثالث: أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم.
قال: وأنا سمعته يقول إن الله تعالى يقبل توبة العبد قبل موته بضحوة، أو قال بضجعة، فقال الرابع: أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم. قال: وأنا سمعته يقول: إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر.
وفي الصحيحين من حديث ابن مسعود رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الله أفرح بتوبة عبده من رجل نزل بأرض دوية مهلكة معه راحلته، فنام واستيقظ وقد ذهبت راحلته، فطلبها حتى إذا أدركه الموت قال: أرجع إلى المكان الذي أضللتها فيه وأموت، فأتى مكانه فغلبته عينه فاستيقظ وإذا راحلته عند رأسه فيها طعامه وشرابه وزاده وما يصلحه، فالله أشد فرحا بتوبة عبده المؤمن من هذا براحلته وزاده» .
وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة» . (رواه البخاري) .
وعن أبي موسى عبد الله بن قيس الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها» . (رواه مسلم) .
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: «كان فيمن قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفسا، فسأل عن أعبد أهل الأرض فدل على راهب فأتاه فقال: إنه قتل تسعة وتسعين نفسا فهل له من توبة؟ قال: لا، فقتله وكمل به المائة. ثم سأل عن أعلم أهل الأرض فدل على رجل عالم فأتاه وقال له أنه قد قتل مائة نفس فهل له من توبة؟ قال: نعم. ومن يحل بينك وبين التوبة، انطلق إلى أرض كذا وكذا فإن بها أناسا يعبدون الله تعالى فاعبد الله تعالى معهم ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء.
فانطلق حتى كان نصف الطريق أدركه الموت فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، فقالت ملائكة الرحمة: جاء تائبا مقبلا بقلبه إلى الله تعالى، وقالت ملائكة العذاب: إنه لم يعمل خيرا قط. فأتاهم ملك في صورة آدمي فحكموه بينهم فقال: قيسوا ما بين الأرضين فإلى أيتهما كان أدنى؟ فهو أقرب لها، فقاسوه فوجدوه أدنى إلى الأرض التي أراد، فقبضته ملائكة الرحمة» . (متفق عليه وفي الصحيحين) : فكان أدنى إلى أرض التوبة الصالحة فجعل من أهلها.
وعن أبي نجيد بضم النون وفتح الجيم عمران بن الحصين الخزاعي رضي الله عنه، أن امرأة من جهينة أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي حبلى من الزنا فقالت: يا رسول الله أصبت حدا فأقمه علي، فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فشدت عليها ثيابها ثم أمر بها فرجمت ثم صلى عليها فقال عمر:
يا رسول الله تصلي عليها وقد زنت؟ قال: «لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم، وهل وجدت أفضل ممن جادت بنفسها لله عز وجل» . (رواه مسلم) .
وعن أبي نصرة قال: لقيت مولى لأبي بكر رضي الله عنه فقلت له: سمعت من أبي بكر شيئا، قال: نعم، سمعته
اسم الکتاب : المستطرف في كل فن مستطرف المؤلف : الأبشيهي، شهاب الدين الجزء : 1 صفحة : 492