اسم الکتاب : المدخل في فن التحرير الصحفي المؤلف : عبد اللطيف محمود حمزة الجزء : 1 صفحة : 178
والمعلوم أن لكبار الساسة لغةً ليست كاللغة المعتادة، وكثيرًا ما تصدر عنهم تصريحات لها ظاهر ولها باطن، وأحاديث وبيانات تحتمل عدة معانٍ في وقت واحد, إذن فمعرفة اللغة التي يتكلم بها هؤلاء الساسة تعين المحرر على فهم تصريحاتهم وبياناتهم وخطبهم وأحاديثهم، وتكشف عَمَّا وراءها من الحقائق والأغراض.
هذا كله من ناحية الترجمة، أمّا من ناحية التصفية أو الغربلة فنقول: ليس عمل المحرر الخارجيّ كله ترجمة، ونحن نعرف كذلك أن المحرر الخارجيّ قَلَّمَا يترجم البرقية بحذافيرها، اللهم إلّا إذا كانت هذه البرقية تشتمل على تصريح أو بيانٍ رسميٍّ، أو تحتوي على نصوص اتفاق أو معاهدة، أو نحو ذلك.
إذ أن الذي يحدث عادةً هو أن المحرر يجد أمامه كومةً من البرقيات عن حادث معينٍ، ويأتي رئيس القسم الخارجيِّ فيطلب إليه أن يخرج من هذه الكومة, أو تلك خبرًا معينا على عمود، بمعنى أنه لا يكاد يزيد عن عشرة أسطر، وأمام المحرر أكوام كثيرة من هذه النوع تنبيء عن أحداث أخرى أكثر أهمية من الحدث الأول، ورئيس القسم الخارجيّ يلح كذلك على المحرر في أن يستخلص من هذه الأكوام موضوعًا خبريًّا على عمودين أو ثلاثة أو أربعة على الأكثر، وإذا عمد المحرر إلى ترجمة جميع البرقيات التي أمامه ضاق وقته ووقت صحيفته عن ذلك، فماذا يصنع المحرر الخارجيّ في هذه الحالة؟
الواقع أن تحرير الأخبار الخارجية عملٌ شاقٌّ في طبيعته، ونحن إذا حللنا هذا العمل وجدناه يتألف من الخطوات التالية:
أولًا: تصفية البرقيات الواردة إلى الصحيفة، واختيار أكثرها أهميةً, والمفاضلة بين برقيات الوكالة المختلفة في الحادث الواحد، وهذه التصفية والاختيار والمفاضلة, إنما تقوم على أساسٍ من أهمية الموضوع من جهةٍ,
اسم الکتاب : المدخل في فن التحرير الصحفي المؤلف : عبد اللطيف محمود حمزة الجزء : 1 صفحة : 178