اسم الکتاب : المحاضرات والمحاورات المؤلف : السيوطي، جلال الدين الجزء : 1 صفحة : 340
فقال: هذا نظم على الفتوح، فهو كجسد بلا روح، وتقدير ضمير الشأن، بعد قوله (وكان) يحيا به الميت، وإلا خرب البيت، وشاهد هذه النفيسة: «إن من يدخل الكنيسة» [1] ، فتنبّه إليّ، وانظر كيف أخذت هذا المعنى بكلتا يدي، فقلت: [مجزوء الرمل]
أنا لو كنت مقلا ... ما اصطلى الناس بناري
خلص العالم جمعا ... من يميني ويساري
ثم قال: قد جئتك ببدائع، فأنشدته قول الرابع: [السريع]
له قباء خلت تطريزه ... لحسنه تطريز خدّيه
ملتفت نحوي كظبي النقا ... لا ما لظبي غنج عينيه [2]
فقال: لا معنى بديع، ولا لفظ صنيع، قنع قائله بالوزن والقافية، وجمع بين ثقل (لا) و (ما) النافية، فلو رآه سقراط، أعرض عن حبه بغضا ولم يعرج، وقال: إن لم يكن معلما وإلا فدحرج، فاسمع في المعنى تضميني الثمين الذي أردفت جيش حسنه [3] بكمين، فقلت: [مجزوء الرجز]
طرز قباء محنتي ... كخدّه ورقمه
ما أعوزت منه الظبا ... إلا طراز كمّه
ثم قال: هكذا النفائس، فأنشدته قول الخامس: [الكامل]
بأبي مخيّلة إذا رقصت ... رقص الفواد ونقّط الدمع
رفعت نقاب الحسن ثم شدت ... فافتنّ فيها الطّرف والسّمع
فقال: لقد بالغ في ثلبها ونقصها بقوله: (رقص الفؤاد ونقّط الدمع) لرقصها، فهي إذن معزية لا مهنّئة، ونائحة لا مغنّية، وفي قوله: (رفعت نقاب الحسن) كلام، وفي قوله:
(افتن) عسر، والسلام، فدع فساد المخيلة، واسمع ما قلته في مخيّلة: [السريع]
جاءتك في طيف خيال حكت ... طيف خيال هزّ أعطافه
مصرية في نور شامية ... يا حين ذي الشمعة طوّافه [4] [1] يشير لقول الأخطل: (مغني اللبيب 1/37، خزانة الأدب 1/309، ولم يرد البيت في ديوانه ط بيروت 1994) .
إنّ من يدخل الكنيسة يوما ... يلق فيها جآذرا وظباء
[2] في ع: ملتفتا نحوي. [3] في ب، ل: جنس حسنه.
[4] في ع: يا حسن ذي الشمعة.
اسم الکتاب : المحاضرات والمحاورات المؤلف : السيوطي، جلال الدين الجزء : 1 صفحة : 340