اسم الکتاب : المحاضرات والمحاورات المؤلف : السيوطي، جلال الدين الجزء : 1 صفحة : 339
فنّه [1] ، فانّ المتصدر قبل أوانه سفيه، وربّ فقيه لا أدب فيه، فلما أتم درسه، وبسط لي أنسه، وسألني عن حالتي، فقلت في لجاجتي: نحن عشرة ذوو نسب، وألو علم وأدب، وقد أنشد كلّ منا بيتي شعر، سامهما بأغلى سعر، وأقام وزنهما، وقال: إنهما وإنهما، وأنا رسول أصحابي إليك، لتنصف بيننا فقد دللت عليك، فقال: قل ما أردت أن تقول، وابدأ بنفسك ثم بمن تعول، ثم أصاخ إليّ، فأنشدت بيتيّ، وهما: [السريع]
زائرة زارت بلا موعد ... أفدي بما أملكه سيرها
فقلت ماذا وقته فارجعي ... وعاوديني ليلة غيرها
فقال: هذا سوء الأدب بالأدب، والدليل على ضعف الطلب، أتزورك متفضلة، وترجع خجلة، سأنشدك بيتين لا مطعن عليهما، ولم أسبق إليهما [2] : [السريع]
جبرت يا عائدتي بالصله ... فتممي الإحسان تنفي الوله
وهذه قد حسبت زورة ... لم أنت يا لعبة مستعجله
ثم قال: هكذا المعاني، فأنشدته قول الثاني: [السريع]
يا من أعار الليث حسن اللقا ... وكم أعار السحب الهطلا
بعضك في الجود ككلّ الورى ... فاعجب لبعض يعدل الكلّا
فقال: لقد أشبهك في بيتيك، لا بل أربى في سوء الأدب عليك، فمن أعار الليث لقاه، فبماذا يلقى عداه؟ ومن أعار السحب الهطل، فقد خلت عن الهطل يداه، ولو أبدل أعار ب (علّم) ، واحترز من خطر عموم البيت الثاني، كان أسلم، إذ يلزمه أن يكون بعض هذا الممدوح، مساويا في الجود للورى حتى للكليم والروح، لقد أخطأ وأحال، ويا ليته قال: [مخلع البسيط]
علّمت ليث الشرى وثوبا ... والسحب علّمتهنّ هطلا
حاشاك ذمّ وكلّ ضدّ ... فصحّ قولي حاشا وكلّا
ثم قال: قد أريتك المباحث، فأنشدته قول الثالث: [السريع]
لو كنت محتاجا إلى درهم ... لكان بالمدّاح لي أسوه
وكان من لا يعطني أهجه ... فالحمد لله على الثروه [1] قوله: (فاحتقرته لحداثة سنه.... غير فنه) ساقطة من نسخة ب. [2] البيتان في فوات الوفيات 3/158 تحقيق إحسان عباس ط بيروت 1968، مع خلاف يسير في الرواية، والبيتان في أعلام النبلاء 5/7، وتتمة المختصر في أخبار البشر لابن الوردي، 1/285، تحقيق رفعة البدراوي، ط بيروت 1950 م.
اسم الکتاب : المحاضرات والمحاورات المؤلف : السيوطي، جلال الدين الجزء : 1 صفحة : 339