اسم الکتاب : المجموع اللفيف المؤلف : ابن هبة الله الجزء : 1 صفحة : 80
أعوامك، وما مضى من عصرك، وما انقرض من دهرك؟ فقال: نعم، يا ابن أخي، أرأيت البيضة الفيحاء [1] التي جزعتها [2] سائر يومك؟ فقلت: نعم، فقال: عهدي بها مجادل [3] كالشناخيب [4] ، مشرفات المحاريب، يرى الراكب شعافها من مسيرة ثلاثة أيام، محفوفة بالجحافل الململمة، والكتائب المسومة، على أبوابها الأحبوش، تهزّ الإلال [5] ، تخوض إليها الآمال للأموال، بقناء ذي وثاب [6] ، وما ذو وثاب، الأسد الضرغام الأبلج القمقام [7] ، تخضع لهيبته الأذقان، وتذعر لصولته الجنّان [8] ، عطاؤه إنعام، وأخذه اصطلام [9] ، فعبر بذلك سبعين خريفا وأربعا، ثم شصا [10] له يوم من الدهر فبدّد شمل الرياش، وكدّر صفو المعاش، ثم اقتعد مطية تلك النعمة ذو هلاهلة [11] ، فقمع الأضداد، وغمز الأنداد، وأنشأ المصانع [12] ، وبثّ الصنائع، عطاؤه غمر، وأخذه قهر، فعمّر بذلك أربعين عاما وأربعة من [23 ظ] العدد، لا تروعه حادثة، ولا تعارضه هايثة [13] ، ولا تعيّن له عايثة [14] ، ثم كشّرت له عن أنيابها [1] البيضة الفيحاء: الأرض المخصبة الواسعة. [2] جزعتها: قطعتها. [3] مجادل: قصور عالية، جمع مجدل. [4] الشناخيب: رؤوس الجبال، جمع الشّنخوب والشنخوبة. (القاموس: شخب) . [5] الإلال: الحراب العريضة النصل، أو اللامعة، واحدتها: ألّة. [6] ذو وثاب: أحد حكام العرب في الجاهلية. [7] القمقام: السيد الجامع للسيادة، الواسع الخير. [8] الجنّان: ضرب من الحيات أكحل العينين، يضرب إلى الصفرة لا يؤذي، واحدها:
جان، وفي التنزيل: (فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ، وَلَّى مُدْبِراً) *
(النمل 10) ، وفي الحديث: (إنّ فيها جنّانا كثيرا) . (المعجم الوسيط: جنن) . [9] اصطلام: قطع واستئصال. [10] شصا: ارتفع وشخص. [11] ذو هلاهلة: أحد حكام اليمن في الجاهلية. [12] المصانع: المباني من القصور والحصون والقرى والآبار وغيرها من الأمكنة العظيمة، وفي التنزيل: (وَتَتَّخِذُونَ مَصانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ)
(الشعراء 129) . [13] الهايثة: الجلبة عند الخصومة. [14] العايثة: الأمر المفسد.
اسم الکتاب : المجموع اللفيف المؤلف : ابن هبة الله الجزء : 1 صفحة : 80