اسم الکتاب : المجموع اللفيف المؤلف : ابن هبة الله الجزء : 1 صفحة : 484
لقد تقمّصها ابن أبي قحافة، وهو يعلم أنّ محلّي منها محلّ القطب [1] ، ينحدر عنه السيل، ولا ترقى إليه الطير، ولكني سدلت دونها ثوبا، وطويت عنها كشحا، وطفقت أرتئي بين أن أصول بيد جذّاء [2] ، أو أصبر على طخياء [3] يرضع فيها الصغير، ويدبّ فيها الكبير، ويكدح مؤمن، حتى أوان أرى تراث ابن أمّي نهبا، فرأيت الصّبر على هاتا أحجى [4] ، فصبرت وفي العين قذى، وفي الحلق شجا [5] ، إلى أن حضرته الوفاة [6] ، فأدلى بها إلى عمر، فيا عجبا! بينا هو يستقيلها في حياته، إذ تقلدها الآخر من بعد وفاته، لشدّ ما تشطّرا ضرعيها، ثم تمثّل: [7] [السريع]
شتّان ما يومي على كورها ... ويوم حيّان أبو جابر [8]
فجعلها في ناحية خشناء يجفو مسّها، ويغلظ كلمها، ويكثر العثار والاعتذار منها [فصاحبها] كراكب الصّعبة [9] ، إن أشنق لها خرم [10] ، وإن أسلس لها عسف [183 ظ] فمني الناس بخبط وشماس [11] ، وتلوّن واعتراض، إلى أن حضرته الوفاة، فجعلها شورى بين ستة [12] زعم أنّي [1] نهج البلاغة: (محل القطب من الرحى) . [2] جذاء: مقطوعة. [3] طخياء مظلمة شديدة الظلام. [4] أحجى: أجدر وأخلق. [5] الشجا: ما اعترض في الحلق من عظم ونحوه. [6] يريد وفاة أبي بكر الصديق. [7] البيت للأعشى في ديوانه ص 197، تحقيق محمد محمد حسين، ط بيروت. 1983
[8] في الديوان: (أخي جابر) . [9] الصعبة من الإبل: ما ليست بذلول. [10] أشنق لها: كفه بزمامه. خرم: خرم أنف الناقة، شقه وقطعه. [11] مني الناس: ابتلوا. الخبط: السير على غير جادة. الشماس: العناد وإباء ظهر الفرس عن الركوب. [12] الستة الذين رشحهم عمر للخلافة قبل وفاته هم: علي بن أبي طالب، وعثمان بن عفان، وطلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص.
اسم الکتاب : المجموع اللفيف المؤلف : ابن هبة الله الجزء : 1 صفحة : 484