وقال بعض المتقدّمين «1» :
تغطّ بأثواب السّخاء فإننى ... أرى كلّ عيب فالسخاء غطاؤه
وقارب إذا قاربت حرّا فإنما ... يزين ويزرى بالفتى قرناؤه
وأقلل إذا ما قلت قولا فإنه ... إذا قلّ قول المرء قلّ خطاؤه
إذا قلّ ماء الوجه قلّ حياؤه ... ولا خير فى وجه إذا قلّ ماؤه
إذا قلّ مال المرء قلّ صديقه ... وضاقت عليه أرضه وسماؤه
إذا قلّ مال المرء لم يرض عقله ... بنوه ولم يغضب له أقرباؤه
وأصبح لا يدرى وإن كان حازما ... أقدّامه خير له أم وراؤه
إذا المرء لم يختر صديقا لنفسه ... فناد به فى الناس هذا جزاؤه
وقد أفضينا من هذا الباب إلى بعض ما قصدنا له مما يجانس الباب المتقدّم، ونبتدئ بباب من معانى الشعر المستحسنة، وبالله الحول والقوة.
باب [من الشعر]
أنشد منشد فى صفة درع «2» :
وكلّ ذيّالة قضّاء «3» تحسبها ... نهيا بقاع علته الريح مشمول
تنفى السرى وجياد النّبل تتركها ... من بين معتسف كسرا ومفلول
يقول: هذه الدرع سابغة الذيل، شبّهها بغدير أصابته الشمال فاطّرد ماؤه وتجعّد.
والنّهى، بالفتح: الغدير. ويقال: نهى بالكسر أيضا. وزعم الأصمعىّ أنه سمّى نهيا لأنه ينهى الماء أن يفيض عنه، «4» وقال جرير:
فما ثغب باتت تصفّقه الصّبا ... بسرّاء نهى أتأقته الروائح