responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : العقد المفصل المؤلف : الحلي، حيدر    الجزء : 1  صفحة : 211
ذاك من حلق نسر مجده الطائر، عن أن تصل أفكار الواصفين إليه، وتعالى شأن سعده الباهر، عن أن تقع أبصار الناعتين عليه، بدر هالة الكمال المشرقة، على الأرجاء أنواره، وفرقد دائرة الإفضال المتألقة، أشعّته وآثاره، فرع الشرف الباهر، وسلالة المجد الموروث كابراً عن كابر، عين أعيان الزمن، وغرّة وجهه الحسن، لا زال نيّر مجده، طالعاً في آفاق سعده، ما طاف بربعه المعمور طائف، وسعى بفناء عزّه بادي الوفد والعاكف، آمين آمين.
أمّا بعد؛ فقد وافت الوكتك التي حيّرت بما حبرت فيها عقول ذي الألباب، ورسالتك التي أعجزت بما أوجزت فيها من المحكمة وفصل الخطاب.

فكم أهاجت في الأسى لي مهجة ... إلى حمى الزوراء ما أشوقها
وكم أذالت في الهوى لي مقلة ... إلى مغاني الكرخ ما أرمقها
وكم روت لي عنك في إسنادها ... مودّه في الدهر ما أصدقها
وكم دعت بالفضل من ذي لهجة ... عليك بالثناء ما أنطقها
فاسأل من ألبسك مطارف الفخر حتّى صرت إنسان عين الزمان، وكساك برود العزّ حتّى أشير إليك بالبنان، أن يتمّ لنا ما أمّلناه من مواصلتك، وبعجل ما تمنّيناه من زيارتك، والسلام عليك ورحمة الله.
وممّا كتب به جناب الحاج محمّد الحسن إلى النجف إلى جناب السيّد محمّد سعيد حبّوبي:
نسم الصبان إن جزت كوفان بلّغي ... سنا هامة العليا تحيّة مغرمه
وإن فهت نطقا فانشري طي لوعة ... ورتها الليالي بين جنبي متيّمه
عسى أنّ ألفاً لم يعودنّ جفوةً ... يرقّ لرقّ ريُّ خدّيه عن دمه
فلا والهوى لولاه لم أدر ما الهوى ... مولم يشجني ورق الحمى بترنّمه
ولم تلهني عن ذكره ريم رامة ... ولا عيس نعمى لا وربّي وأنعمه
فيا روح روح الصب عجّل بردّها ... فما هي إلاّ أنت يا بدر أنجمه
ودمت لمنثور اللئالي منظّما ... فرائد فكر أنت لجيُّ عيلمه
أما والذي هداني صراط ولائك، ومزج يوم أخذ الميثاق حوبائي بحوبائك، لم يسل عميد هواك عن سعيد جدّ علاك، ونشر عاطر رياك، وفجر باهر محيّاك، ولا آناً يرشق الأكحل فيه بنلة لحظة، بل ولا زماناً ينسق إلاّ لثغ ذوالدل من فية مدرة لفظه.

إنّي ولاعج شوقي بات ينفرني ... طعم الكرى وغرامي الصبر إنساني
فسال إنسان عيني في مدامعها ... وأنت بأضوء عيني عين إنساني
ولكم أماتت كئابتي من النهار بياضه، وأحيت فرط صبابتي سواد الظلام ولا غضاضة، وكيف يملك عنان أساء من أنسى هيامه بني عذره، على أنّه لو نبا حدّ وجده واساه لم يقبل الهوى عذره، فلا وحلّة فضلك السابغه، وشرعة نبلك السائغه، ما ريع مذ أتيت سهم داعيك بالطيش، كلاّ ولا راق إذ نأيت بعين مراعيك لذّة العيش.

ولم ترق حدائق مبهجة ... ما لم يكن وجهك نور روضها
ولا الصبا سارية ما لم يكن ... يروي لنا خلقك نشر غضّها
فكيف عن مثلك يا عديمه ... تذوق عين الصب طعم غمضها
زنت العلى من هاشم معنى العلى ... ففزت في لبابها ومحضها
بوركت من ندب على رغم العدا ... أعلى منار وندبها وفرضها
وجدّك الأعلى على سمائها ... والعروة الوثقى لأهل أرضها
فلا زال رواق عزّك على قصر نسبك القصير ممدودا، ولا برح ساحل يمّ جودك العذب النمير للناهلين منهلاً مورودا، وإنّي لأسأل من أبدع فطرة ذات مجدك المؤثّل، وزان جيد الفضائل والفواضل بجوهر عقدك المفصّل، ورصّع من مستظرف نهاك فرائد الجمان بكلّ درّة يتيمه، ورصّف من مستطرف غضّ بهاك قلائد العقيان بدرر أشعّة طلعتك الكريمه، أن يعطر بطيب مجالسك الذكيّة، أندية الرصافة، فنتعاطى بها منادمة أخلاقك الزكيّه، عن منادمة السلافه، ولمّا أن هزّني إليك الشوق الملحّ، وأمالني وجداً عليك الهوى المبرح، نظمت ببنان المودّة عقود قلائد هذه الغانيه، فأزففتها تمشي على استحياء إلى جنّة فضلك العاليه.

دم الدمع من عين المتيّم مرزم ... لك الله من دامي الحشا يا متيّم
شجاك الهوى وجداً فأشجيت نائحاً ... حمامات ذات الأثل إذ تترنّم
فما غار منك الصبر إلاّ وأنجدت ... مدامع حمر منك والركب متّهم
فيا سائقي أضعان لبنى ترفّقاً ... بقلب مشوق ليس ينفك عنكم

اسم الکتاب : العقد المفصل المؤلف : الحلي، حيدر    الجزء : 1  صفحة : 211
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست