اسم الکتاب : الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلي المؤلف : يوسف خليف الجزء : 1 صفحة : 97
ولا يستطيعون التحلل منه إلا في الكعبة أيضا[1].
وفي مقابل هذه الحقوق التي كانت للجار، كانت عليه واجبات لمن أجاروه. وتتلخص هذه الواجبات في أن يحترم الجوار، ولا يسيء إلى من أجاروه، لا في أشخاصهم ولا في سمعتهم، لا في حياتهم المادية ولا في حياتهم المعنوية. فإذا ما رأت القبيلة ما يسيئها من جارها كان لها الحق في أن تخلعه، وتتحلل من التزاماتها له. ومن هنا كانت تتعدد استجارة الخليع بالقبائل في بعض الأحيان[2].
ومع ذلك فلم تكن حياة هؤلاء الخلعاء في جوار من استجاروا بهم طيبة دائما، فقد كان يحدث أحيانا أن يسيء المجير معاملة جاره، ويستغل تلك الظروف الحرجة التي يمر بها فيغدر به[3]، وكان يحدث أحيانا أخرى أن يعجز المجير عن رد العدوان عن جاره، إما لضعفه وإما لعدم اهتمامه به[4]. وعلى كل حال فحسب هؤلاء المستجيرين هوانا لنفوسهم أن ديتهم كانت نصف دية ابن القبيلة الصريح[5].
وحين نقف لنتأمل حياة هؤلاء المستجيرين نجد أننا أمام طائفتين: طائفة استقر بها المقام في القبيلة التي أجارتها، فاندمجت في مجتمعها، وطابت لها [1] SMITH; KINSHIP AND MARRIAGE IN EARLY ARABIA, P. 51. [2] في أخبار البراض أنه بعد أن خلعه قومه لجأ إلى بني الديل، فشرب فيهم "فخلعوه، فأتى مكة وأتى قريشا فنزل على حرب بن أمية فحالفه، فأحسن حرب جواره، وشرب بمكة حتى هم حرب أن يخلعه" "الأغاني 19/ 75". [3] كان أبو جندب الهذلي جارا لبني نفاثة "جاورهم حينا من الدهر، ثم إنهم ذكروا أن يغدروا به" "السكري: شرح أشعار الهذليين 1/ 93". [4] استجار أبو الطمحان القيني بعبد الله بن جدعان التيمي "ومعه مال له من الإبل، فعدا عليه قوم من بني سهم، فانتحروا ثلاثة من إبله"، ثم عاودوا عليها الكرة، "فاستاقوها كلها، فأتى عبد الله بن جدعان يستصرخ، فلم يكن فيه ولا في قومه قوة بني سهم، فأمسك عنهم ولم ينصره" "الأغاني 16/ 69". واستجار محرز بن المكعبر الضبي ببني عدي من تميم "فاغار بنو عمرو بن كلاب على إبله فذهبوا بها، فطلب إليهم أن يسعوا له، فوعدوه أن يفعلوا"، ولكنهم لم يفعلوا شيئا، مما اضطره إلى الالتجاء إلى بعض بني مازن" "شرح التبريزي على حماسة أبي تمام 4/ 15". [5] الأغاني 3/ 19 سطر 18، ص26 سطر 4، 5.
اسم الکتاب : الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلي المؤلف : يوسف خليف الجزء : 1 صفحة : 97