اسم الکتاب : الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلي المؤلف : يوسف خليف الجزء : 1 صفحة : 81
ذلك عندي إلى أربعة عوامل:
فهذه المنطقة، أولا، منطقة يظهر فيها "التضاد الجغرافي" ظهورا شديدا، حتى ليعدها الجغرافيون من المناطق التي يختلط فيها الرعي بالزراعة[1]. ففيها من المناطق ما يصفه القرآن الكريم بأنه واد غير ذي زرع[2]، ويذكر بعض الدارسين أن ليس فيما يحيط بمكة من أرض ما يكفي لحياة سكانها[3]، وليس في جميع جبال مكة -كما يذكر الجغرافيون- نبات إلا شيء يسير من الضهياء يكون في الجبل الشامخ، وليس في شيء منها ماء[4]، ولكن في هذه المنطقة إلى جانب هذا مناطق شديدة الخصب، وقد رأينا منها الطائف، وتعد منطقة السراة جنوبي مكة أشد مناطق الحجاز خصبا[5]، تنمو بها أشجار الصمغ والصنوبر والسرو[6]، وقد قلنا إن ظاهرة التضاد الجغرافي تثير في نفوس الفقراء إحساسا قويا بالفقر يدفعهم إلى التمرد.
وهذه المنطقة، ثانيا، منطقة جبلية. وسكان المناطق الجبلية -في العادة- أشداء مغامرون متكبرون، أخذوا من الصخر شدته، ومن التواء الدروب حب المغامرة، ومن شموخ الجبال الكبرياء العنيدة التي ترفض الخضوع. ويقرر الدارسون للبيئات الجغرافية "أن سكان الجبال الذين لم [1] انظر المصور الجغرافي في كتاب:
semple; influences of geographic environment, P. 487. [2] إبراهيم/ 37. [3] sedillot, histoire generale des arabes, tom i, P. 12. [4] ياقوت: معجم البلدان 3/ 240 - والضهياء: شجر كثير الشوك. [5] ency. of islam, art. arabia, P. 368. [6] lammens, le berceau de i'islam, vol. i, P. 92.
وليس صحيحا ما ذكره لامانس من أن جبالها تنبت الجوز بكثرة، استنادا إلى أنها تسمى جبال الجوز، كما أنه ليس صحيحا ما ذكره من أن كل منطقة الحجاز تنبت الجوز استنادا إلى السبب نفسه ... "ibid., pP. 92, 93"
فالجوز هنا ليس المراد به تلك الثمرة المعروفة، وإنما معناه الوسط، فهي جبال الجوز لأنها تتوسط بين نجد وتهامة، وكذلك القول في الحجاز، وليس هناك أي دليل على أن هذه المنطقة تنبت الجوز "انظر تاج العروس، مادة جوز".
اسم الکتاب : الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلي المؤلف : يوسف خليف الجزء : 1 صفحة : 81