responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلي المؤلف : يوسف خليف    الجزء : 1  صفحة : 39
بل من لعذالة خذالة أشب ... حرق باللوم جلدي أي تحراق
يقول أهلكت مالا لو قنعت به ... من ثوب صدق ومن بز وأعلاق
عاذلتي إن بعض اللوم معنفة ... وهل متاع، وإن إبقيته، باق1
أما مادة هذا الكرم فهي -بطبيعة الحال- ما يغنمونه من غزواتهم في أرجاء الجزيرة العربية، وغاراتهم على القبائل أو على القوافل التجارية أو على طبقة الأغنياء البخلاء. فقد كانت هذه الغنائم تتيح لهم فرصة -مهما تكن قصيرة- لكي يتشبهوا بالسادة الأغنياء في البذل والعطاء واكتساب المحامد.
وهكذا "كان الصعلوك، فزع البرية، ينقلب في أعقاب غزواته الناجحة سيدا كريما نبيلا، يَصُف على المواقد الإبل التي نهبها ليطعم منها التيامى والأرامل"[2]. فالغزوة والغارة والسلب والنهب ليست عندهم وسائل للغنى وجمع المال فحسب، ولكنها أيضا وسائل للبذل والعطاء، واكتساب المحامد، والتشبه بالسادة الأغنياء في الكرم والجود. وإذا كانت هاتان الغايتان تتنازعان نفوس الصعاليك، وتتجاذبانها كل إليها، على نحو ما نرى عند تأبط شرا الذي يصرح في قافيته المفضلية بأن المال وسيلة للكرم، ووسيلة "لتسديد الخلال" أيضا[3]، فإن الغاية الأخيرة وحدها كانت هي الغاية الأساسية عند عروة الذي خلصت نفسه تماما من هذا التنازع وهذه المجاذبة:
دعيني أطوف في البلاد لعلني ... أفيد غنى فيه لذي الحق محمل
أليس عظيما أن تلم ملمة ... وليس علينا في الحقوق معول
فإن نحن لم نملك دفاعا بحادث ... تلم به الأيام فالموت أجمل4

1 المفضليات/ 18 - عذالة وخذالة للمبالغة. والأشب: المخلط عليه المعترض. والأعلاق: الأشياء النفسية.
[2] Lammens; Le Berceau De I'Islam, vol. I, P. 190
[3] انظر المفضليات /19 - الخلال: خصاصات الفقر، جمع خلة.
4 ديوانه/ 206.
اسم الکتاب : الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلي المؤلف : يوسف خليف    الجزء : 1  صفحة : 39
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست