responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلي المؤلف : يوسف خليف    الجزء : 1  صفحة : 34
وقد سلك الصعاليك السبيلين، أو -بعبارة أدق- انقسموا مع هذين السبيلين إلى طائفتين: طائفة قبلت ذلك الوضع الاجتماعي الذليل، رضيه لهم ضعف في النفس أو ضعف في الجسد أو ضعف في النفس والجسد جميعا، وطائفة رفضت ذلك الوضع، وأبت أن تعيش تلك الحياة الساقطة التافهة المهينة، ووجدت في القوة، قوة النفس وقوة الجسد، وسيلة تشق بها طريقها في الحياة.
وفي شعر عروة موازنة طريفة بين هاتين الطائفتين، يعقدها أبو الصعاليك في دقة وبراعة، ويصور فيها اختلاف ما بينهما في الشخصية، وأسلوب الحياة والغاية التي تنتهي إليها كل منهما[1].
وتتجلى قوة نفوس هذه الطائفة الثانية من الصعاليك في استهانتهم بالحياة في سبيل الوصول إلى الغاية التي يسعون إليها. إنهم يريدون أن يحققوا لهم مكانة في هذا المجتمع الذي يحتقرهم ويستهين بهم عن طريق فرض أنفسهم بالقوة عليه، وهم في سبيل هذا لا يبالون بشيء، حتى بالحياة نفسها، فهم جميعا مؤمنون بفكرة الفناء في سبيل المبدأ، وما قيمة الحياة إذا عاش الإنسان فقيرا محتقرا، منبوذا من مجتمعه، مجفوا من أقاربه؟ إن الموت في هذه الحالة خير من الحياة:
إذ المرء لم يبعث سواما ولم يرح ... عليه، ولم تعطف عليه أقاربه
فللموت خير للفتى من حياته ... فقيرا، ومن مولى تدب عقاربه2
فقلت له: ألا احْيَ، وأنت حر ... ستشبع في حياتك أو تموت3
فسر في بلاد الله والتمس الغنى ... تعش ذا يسار أو تموت فتعذرا4

[1] انظر أبياته الرائية "لحا الله صعلوكا" في ديوانه/ 73-82. وجمهرة أشعار العرب/ 115. والأصمعيات/ 29، 30. وانظر ص329 من هذا البحث.
2 عروة أيضا "انظر ديوانه/ 150، 151" - والبيتان يرويهما أبو تمام في حماسته لأبي النشناش، وهو لص من تميم إسلامي، مع اختلاف في الألفاظ "انظر الحماسة 1/ 166، 167".
3 عروة: ديوانه/ 166.
4 عروة أيضا: ديوانه/ 191.
اسم الکتاب : الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلي المؤلف : يوسف خليف    الجزء : 1  صفحة : 34
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست