responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلي المؤلف : يوسف خليف    الجزء : 1  صفحة : 305
وأمر كسد المنخرين اعتليته ... فنفست منه والمنايا حواضر1
وهي صورة -على بساطتها- قوية تستمد قوتها من معرفة كل إنسان بها معرفة عملية وتسليمه بها تسليما تجريبيا لا مجال للتفكير النظري فيه، وهل يختلف اثنان في أن أشد ما يقع فيه إنسان أن تكتم أنفاسه حتى يشعر كأن صدره يوشك أن يتمزق؟
ويشبه أبو خراش اهتزاز ثوبه البالي في أثناء عدوه بانتفاضة الحمى:
فعديت شيئا والدريس كأنما ... يزعزعه ورد من الموم مردم2
وهي صورة تستمد قوتها من تلك الدقة في اختيار المشبه به، ومن ذلك القرب بينه وبين المشبه، وهل هناك أقرب إلى اهتزاز الثوب وقد أخذت بصاحبه حمى العدو من انتفاضته وقد أخذت بصاحبه حمى المرض؟
ولا يجد الشنفرى ما يشبه به رهبة الماء المخوف الذي يفتخر بوروده في مغامراته الرهيبة مثل داء البطن الذي يخافه كل الخوف، ويخشاه كل الخشية. يقول مخاطبا صاحبته:
وأمر كسد المنخرين اعتليته ... فنفست منه والمنايا حواضر1
وهي صورة -على بساطتها- قوية تستمد قوتها من معرفة كل إنسان بها معرفة عملية وتسليمه بها تسليما تجريبيا لا مجال للتفكير النظري فيه، وهل يختلف اثنان في أن أشد ما يقع فيه إنسان أن تكتم أنفاسه حتى يشعر كأن صدره يوشك أن يتمزق؟
ويشبه أبو خراش اهتزاز ثوبه البالي في أثناء عدوه بانتفاضة الحمى:
فعديت شيئا والدريس كأنما ... يزعزعه ورد من الموم مردم2
وهي صورة تستمد قوتها من تلك الدقة في اختيار المشبه به، ومن ذلك القرب بينه وبين المشبه، وهل هناك أقرب إلى اهتزاز الثوب وقد أخذت بصاحبه حمى العدو من انتفاضته وقد أخذت بصاحبه حمى المرض؟
ولا يجد الشنفرى ما يشبه به رهبة الماء المخوف الذي يفتخر بوروده في مغامراته الرهيبة مثل داء البطن الذي يخافه كل الخوف، ويخشاه كل الخشية. يقول مخاطبا صاحبته:
وإنك لو تدرين أن رب مشرب ... مخوف كالداء البطن أو هو أخوف
وردت بمأثور يمان وضالة ... تخيرتها مما أريش وأرصف3
وهي صورة نستطيع أن نشعر بما فيها من قوة وصدق في الإحساس إذا تذكرنا أن حياة الصعاليك كانت تعتمد أكثر ما تعتمد على سلامة الجسد وقوته وأنهم كانوا يفخرون بأنهم ضامرو البطون مهازيل قد نشرت أضلاعهم، والتصقت أمعاؤهم، لإيثارهم غيرهم على أنفسهم بالزاد، ومن هنا كان أخوف ما يخافه أحدهم أن يصاب بمرض يضعفه، ويقعد به عن تحقيق رسالته في الحياة، وبخاصة أمراض البطن التي يُصاب بها المتخمون النهمون، والتي تعد بالنسبة لهم اتهاما صارخا بالتنكر لهذه الرسالة وخيانتها.

1 ديوان الشنفرى في الطرائف الأدبية/ 28.
2 ديوان الهذليين القسم الثاني/ 144.
3 ديوان المطبوع/ 38.
اسم الکتاب : الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلي المؤلف : يوسف خليف    الجزء : 1  صفحة : 305
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست