اسم الکتاب : الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلي المؤلف : يوسف خليف الجزء : 1 صفحة : 26
الطرق كانوا منتشرين في أرجاء الجزيرة العربية، ينهبون من يلقونه في صحرائها الموحشة الرهيبة، ويتلعبون به، ويتخطفونه، ويأكلون ماله، على حد ألفاظ ذلك السيد العربي الذي كان -ولا شك- يعرف جيدا طبيعة الدور الذي يقوم به هؤلاء الصعاليك على مسرح البادية العربية، وهو دور تعبر عنه تعبيرا دقيقا هذه الألفاظ.
وإلى جانب هذا نلاحظ أن بعض المصادر العربية تذكر طائفة من الأسماء على أنهم "صعاليك العرب"[1]، أو تقص أخبارا عن صعاليك بعض القبائل[2]، أو تصف بعض الشعراء بأنهم من "صعاليك العرب"[3]، بل نلاحظ أن صاحب الأغاني يقول في تقديمه للسليك بن السلكة: "وهو أحد صعاليك العرب ... وأخبارهم تذكر على تواليها هاهنا، إن شاء الله تعالى، في أشعار لهم يُغنى فيها، لتتصل أحاديثهم"[4]، مما يشعر بأن هؤلاء الصعاليك كانوا يكونون طبقة متميزة من طبقات المجتمع الجاهلي جعلت أبا الفرج يحرص على أن يذكر أخبارهم على تواليها حتى تتصل أحاديثهم، على حد تعبيره.
وأظن أننا نستطيع بعد هذه الجولة أن نقف لنسجل أن مادة "صعلك" تدور في دائرتين: إحداهما "الدائرة اللغوية" التي تدل فيها على معنى الفقر، وما يتصل به من حرمان في الحياة، وضيق في أسباب العيش، والأخرى نستطيع أن نطلق عليها "الدائرة الاجتماعية"، وفيها نرى المادة تتطور لتدل على صفات خاصة تتصل بالوضع الاجتماعي للفرد في مجتمعه، وبالأسلوب [1] نظر على سبيل المثال: وسائل الخوارزمي/ 141، 142، والدلجي: الفلاكة والمفلوكين/ 119. [2] انظر على سبيل المثال: الأغاني 18/ 215، 20/ 20، والبغدادي: خزانة الأدب 2/ 405. [3] انظر على سبيل المثال: الأغاني 3/ 73، 12/ 49 "بولاق"، 18/ 33، وابن قتيبة: الشعر والشعراء/ 214. [4] الأغاني 18/ 133.
اسم الکتاب : الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلي المؤلف : يوسف خليف الجزء : 1 صفحة : 26