اسم الکتاب : الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلي المؤلف : يوسف خليف الجزء : 1 صفحة : 255
العجوة[1] الذي يخصه بثلاث منها: قصيدتين ومقطوعة[2]، ودبية سادن العزى الذي يرثيه بمقطوعة من أربعة أبيات[3]. وتتجلى لوعته وفجيعته بالذات على زهير الذي يبدو من حديثه عنه أنه كان أيضا رفيقا له في مغامراته[4]، أما دبية فلا يتحدث عنه حديث الملتاع المفجوع بقدر ما يتحدث عنه حديث الذاكر لأيامه الآسف على انقضائها، ولعله وفاء بدين كان لدبية في عنق أبي خراش، أو -بعبارة أدق- في قدمي أبي خراش منذ أيام تصعلكه، فقد حذاه دبية مرة نعلين فرح بهما فرحا شديدا، ومدحه بمقطوعة يسجل فيها هذه الهدية وقيمتها له[5]. والأمر الذي لا شك فيه أن أبا خراش كان جريئا حين وقف في الإسلام يرثي دبية سادن العزى الذي قتله خالد بن الوليد بأمر من النبي صلى الله عليه وسلم[6]. ومع ذلك فمن المحتمل أن أبا خرش حين قتل دبية لم يكن قد أسلم بعد، ولكن يبدو أنه احتمال ضعيف نظرا لطبيعة المرثية التي بين أيدينا، فإن أبا خراش فيها لم يتعرض لقاتل دبية على الإطلاق، ولو كان أبو خراش قالها قبل إسلامه لتعرض لخالد بن الوليد كما فعل مع قاتل زهير. ومع ذلك فقد يكون الرواة أسقطوا منها تعرضه لخالد، وحتى مع هذا الاحتمال بأنه قالها قبل إسلامه فلا شك في أنه كان جريئا حتى وقف يرثي دبية في ذلك الوقت الذي أخذ فيه المسلمون يسيطرون على الموقف في جزيرة العرب؛ إذ إن دبية لم يقتل إلا بعد فتح مكة[7].
ويرثي أبو خراش صديقيه بمعان مألوفة في الشعر الجاهلي عامة: الكرم والشجاعة وعجز الإنسان أمام الموت الذي لا ينجو منه حي حتى الحيوان [1] يقال إنه أخوه، ويقال إنه ابن عمه "انظر ابن الأثير: أسد الغابة 5/ 178، 179". [2] ديوان الهذليين 2/ 147-150، 161-164، 157. [3] المصدر السابق/ 155، 156. [4] انظر الأبيات السبعة في المصدر السابق/ 150. [5] انظر مقطوعة اللامية في المصدر السابق/ 140، 141. وانظر كتاب الأصنام/ 22، 23. [6] انظر كتاب الأصنام/ 24-26. [7] المصدر السابق/ 24، 25.
اسم الکتاب : الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلي المؤلف : يوسف خليف الجزء : 1 صفحة : 255