responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلي المؤلف : يوسف خليف    الجزء : 1  صفحة : 232
تلك المقطوعة التي أشار فيها الشنفرى إلى أنه هجين[1] لا نكاد نعثر فيما بين أيدينا من شعر الصعاليك الأغربة على إشارة إلى هذه الظاهرة ذات الأثر البعيد في حياتهم.
والذي يبدو لي تعليلا لهذا هو أن الصعاليك الأغربة كانوا يجدون غضاضة في الحديث عن هذه الظاهرة التي كانت مصدر احتقار المجتمع الجاهلي لهم، حتى إن إشارة الشنفرى إليها في تلك المقطوعة السابقة كانت إشارة ملتوية تبدو عليها محاولة التنصل منها، أو على الأقل الدفاع عنها. كما أن حديثهم عنها لا يفيدهم شيئا في قضيتهم؛ لأنها ظاهرة خلقية لا بد لهم فيها، ولا قدرة لهم على تغييرها، وهذا عكس الفقر الذي كثر حديثهم عنه، فهو ظاهرة يستطيعون دفعها وتغييرها، والمقصر في هذا من الصعاليك الخاملين عليه وزره، وعليه لعنة الصعاليك العاملين، وهذا -بطبيعة الحال- إذا لم يكن فيما فُقد من شعر الصعاليك الأغربة حديث عنها.
أما عقدة العقد التي اشترك فيها جميع الصعاليك، وتحدث عنها جميع شعرائهم فهي الفقر، تلك الظاهرة الاجتماعية والاقتصادية التي كانت السبب الأقوى في تصعلكهم.
ويتحدث الشعراء الصعاليك في أكثر من موضع من شعرهم عن فقرهم، وأسبابه، وتأثيره في أجسامهم، وأثره في حياتهم الاجتماعية، والوسائل التي يسلكونها للتخلص منه، والأسباب التي يحرصون من أجلها على التخلص منه، إلى غير ذلك من ألوان الحديث.
يصورالأعلم الهذلي فقره في صورة بدوية ساذجة، ولكنها طريفة:
زعمت خناز بأن برمتنا ... تغلي بلحم غير ذي شحم2
والشاعر الصعلوك هنا قد سجل على نفسه الفقر. ولن تجديه شيئا هذه

[1] ديوانه المطبوع/ 40 قصيدة حرف "أك"، وديوانه المصور لوحة رقم 2.
2 شرح أشعار الهذليين 1/ 65، ولسان العرب مادة "خنز" وفيه "تجري" مكان "تغلي" - وخناز: لقب امرأة، والخناز في اللغة: المنتنة.
اسم الکتاب : الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلي المؤلف : يوسف خليف    الجزء : 1  صفحة : 232
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست